للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشهورة مثل الأمراء الأرسلانيين التنوخيين في لبنان وآل الجندي في حمص وغيرهم.

وقد نشأ من التنوخيين في معرة النعمان سليمان بن محمد بن سليمان من سلالة النعمان ابن عدي المنتهي نسبه إلى الحاف بن قضاعة التنوخي الشهير وهو جد المعري لأبيه كان قاضياً في بلدته ومن العلماء الأعلام في وقته وترعرع ولده عبد الله والد المعري على الأدب وكلف بالعلم وتزوج امرأة مون آل سبيكة مواطنيه الذين عرفوا بآدابهم وخدم الأدب والمعارف إلى أن رزق ولده أبا العلاء هذا فكان صفوة هذا البيت وخلاصة ذكائه ومخيض زبده وآدابه.

٢ً_نشأَته

ولد أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن محمد بن سليمان التنوخي في معرة النعمان في بيت عرف بالأدب والفضل ومن والدين من سلالة العلماء يوم الجمعة في ٣ ربيع الأول سنة ٣٦٣هـ (٩٧٣م) وما أن انفتحت عيناه لنور العالم ومشاهدة جمال الطبيعة حتى مني بالجدري في أول سنة ٣٧٦هـ (٩٧٧م) فأطفأت نورهما وردته إلى قلبه فتوقد ذكاءً وقد رتجل شعراً لما عيره بذلك عبد الله الخوارزمي وهو قوله:

قالوا العمى منظرٌ قبيحٌ ... قلت لكم بفقدي يهون

والله ما في الوجود شيءٌ ... تأسى على فقده العيون

وكثيراً ما كان يقول أحمد الله على العمى كما يحمده غيره على البصر. ولقد كانت له أسوة بكثير من كبار الشعراء والعلماءِ الذين أصيبوا بالعمى مثل هوميروس اليوناني وبشار بن برد العربي وغيرهما والذي يظهر ممن شاهدوه أنه كان في أول أمره قد غشي يمنى حدقتيه بياض وذهبت اليسرى جملة فكانت إحدى عينيه بارزة والأخرى غائرة جداً وذلك يخالف ما ذهب إليه بعضهم من أنه كان أكمه. وكان يقول: لا أعرف من الألوان إلا الأحمر لأنني ألبست في الجدري ثوباً معصفراً. وكانت في وجهه ندوب الجدري وهو نحيف الجسم عصبي المزاج حاد الذهن قوي الحافظة.

قرأ النحو واللغة على أبيه ثم رحل إلى حلب وقرأ على محمد بن عبد الله بن السعد النحوي فتمن من آداب اللغة وطالع كثيراً من المؤلفات لوفرة المكاتب في حلب وقلتها في بلدته ونظم الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة ولم يكتسب به بل نمه شارحاً فيه أغراض نفسه