للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليوحنا دالة على عمرو لقيه يوماً وقال له: لقد ملكتم كل شيء في هذا البلد (الإسكندرية) بعد فتحه. فنحن لا نعارض في امتلاككم ما ينفعكم كما أنني لا أرى مانعاً من أن ننتفع بما لا تريدون فسأله عمرو عن غرضه فقال أريد ما في المكاتب الملكية من الكتب والمؤلفات الفلسفية.

فقال عمرو لابد لي أن أسأل الخليفة في ذلك وكتب إليه يشاوره في الأمر فاتاه من عمر هذا الجواب.

إذا كانت الكتب التي تشير إليها تتفق مع كتاب الله فلا حاجة لنا بها وإذا كانت تخالفه فإتلافها خير وأولى.

فوزع عمرو الكتب على حمامات الإسكندرية وأمر بإحراقها لإحمائها فاستمرت النار ستة أشهر تأكل الكتب. فاقرأ وتعجب ما جاء في مختصر الدول.

وقد انتشرت الإشاعة في أوربا على هذه الصورة وكان العلامة جيبون أول من نبه الناس إلى خطئها فإنه قال في كتابه إنني لا أعتقد بصحة هذه الرواية لأسباب قوية منها أن أبا الفرج بن هرون ولد بعد فتوح الإسكندرية بخمسة قرون وجاء قبله كثيرون من المؤلفين والمؤرخين ونحن لم نجد لهذه الإشاعة فيما كتبوه عن مصر ذكراً فكيف نعتمد على قوله ونحله من الصدق غير محله.

وقد نبه جيبون بذلك أذهان علماء الغرب فانقسموا قسمين قسم نهض لمناصرة جيبون وقسم قام لمعارضته ومناهضته ومن هؤلاء المستر كريستون الذي كتب تاريخاً للإسلام فإنه قال:

لو فرضنا أن أبا الفرج كاذب فيما قال واستنسينا عن روايته فإننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن غيره من كتاب المسلمين أنفسهم أمثال عبد اللطيف البغدادي والمقريزي وكلاهما ذكر القصة في تاريخه بالتطويل. وكذلك قال الهير كيريل وهو يقول أن عبد اللطيف أول من ذكر هذه الحادثة وهو أيضاً ولد بعدها بخمسة قرون.

وإذ أن منبع هذه الإشاعة هو ما كتبه مؤرخو العرب فنحن أعلم بما كتبه هؤلاء من غيرنا والمثل العربي يقول وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.

ونحن نعلم أن الإفرنج الذي أيدوا الإشاعة اعتمدوا في كتبهم على ما كتبه عبد اللطيف والمقريزي وحاجي خليفة وقد سرت عدوى التقليد إلى بعض جهال المؤلفين فنقل أحدهم