للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التابعين وفتاوى التابعين أولى من فتاوى من بعدهم، وكلما كان العهد بالرسول صلى الله عليه وسلم أقرب كان الصواب فيه أغلب، وهذا الحكم بحسب الجنس لا بحسب كل فرد فرد من المسائل فإن عصر التابعين وإن كان أفضل من عصر تابعيهم فإنما هو بحسب الجنس لا بحسب كل شخص شخص ولكن المفضلون في العصر المتقدم أكثر من المفضلين في العصر المتأخر وهكذا الصواب في أقوالهم أكثر من الصواب في أقوال من بعدهم: وتتمة كلامه درر لا يستغنى عن مراجعتها.

عناية المفتي بتعليل الأحكام وبيان أسرارها

قال الغزالي في المستصفى: إن في معرفة باعث الشرع ومصلحة الحكم استمالة للقلوب إلى الطمأنينة والقبول بالطبع والمسارعة إلى التصديق فإن النفوس إلى قبول الأحكام المعقولة الجارية على ذوق المصالح أميل منها إلى قهر التحكم ومرارة التعبد ولمثل هذا الغرض استحب الوعظ وذكر محاسن الشريعة ولطائف معانيها وكون المصلحة مطابقة للنص وعلى قدر حذقه يزيدها حسناً وتأكيدا ومن أحسن المؤلفات في أسرار الشريعة أعلام الموقعين وحجة الله البالغة.

حظر الفتوى بنسخ نص إلا بنص

قال الإمام أبو محمد بن حزم في مقدمة المحلى: ولا يحل لأحد أن يقول في آية أو في خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت هذا منسوخ وهذا مخصوص في بعض ما يقتضيه ظاهر لفظه ولا أن لهذا النص تأويلاً غير مقتضى ظاهر لفظه ولا أن هذا الحكم غير واجب علينا من حين وروده إلا بنص آخر وارد بأن هذا النص كما ذكر أو بإجماع متيقن بأنه كما ذكر بضرورة حس موجبة أنه كما ذكر وإلا فهو كاذب انتهى.

وقال العلامة أبو النصر القزاني القورصاوي في كتابه الإرشاد: إن الاعتصام بالكتاب والسنة أصل أصيل من أصول الدين والناس رفضوا هذا القطب حتى حسبوا أن الحديث الموجب للعمل مفقود، وأن السبيل دون الوصول إليه مسدود، ولما كانت هذه بدعة عم في الدين ضررها، واستطار في الخلق شررها، وجب كشف الغطاء (إلى أن قال) فيقال لهؤلاء المخترعين هذا القول الذي وصفناه هل تجدون هذا الذي قلتم عن أحد يلزم قوله وإلا فهلموا دليلاً على ما زعمتم.