للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نضرة للغاية وقطعنا الجسر الممتد في مصف الطريق على نهر الليطاني الذي ينبع من أرض كرك نوح في البقاع ثم تصب إليه أعين وأنهار وهو يمتد من ذيل جبل لبنان حتى يمر بجبال مشغرا وتمده منها أعين كثيرة ثم يمر بالجرمق ثم بالشقيف ثم يعظم هناك ويمر فينصب في البحر الرومي قرب صور وعلى نحو ساعة ونصف من صور يمر بمدفن اسمه النبي قاسم فيسمى القاسمية وهو من أعظم أنهار الشام ولا سيما في الشتاء والربيع.

وقد كان فكر بعضهم أن يجره إلى وادي الزبداني ليضمه إلى مياه نهر بردى والفيجة فيسقي دمشق وغوطتها وبلاد مرج الصفر منها ولكن ثبت له أن مجراه أسفل من دمشق فلا يركبها وكذلك يحاول أهل النبطية أن يجلبوا منه قسماً ببعض الآلات الرافعة يجعلون ماءه في أنابيب من حديد لتدخل بلدهم في طور المدن من حيث استسقاء الماء على نحو ما فعلت بيروت ودمشق وصيدا وهو يكلف بضعة عشر ألف ليرة وكأني بهم وهم فاعلون.

وكذلك يفكر جماعة من مهندسي الإفرنج في تحويل مجراه قبيل مصبه بساعتين ليسقوا بمائه الأراضي المستطيلة على شاطئ البحر بين أقصى حدود جبل عامل وأرض صور من جهة صيدا ولو فعلوا لأتى عملهم بفوائد مادية لهم وللبلاد ولما ذهبت تلك المياه بدون فائدة وغدا الساحل من صور إلى صيدا والمسافة بينهما أربع ساعات في المركبة كحدائق دمشق بأشجاره ومزروعاته الصيفية.

ويقدر المهاجرين من عامل بخمسة عشر ألف مهاجر دع عنك من قصدوا مدينة بيروت وغيرها من شبانة فاشتغلوا في الحمولة وطلاء الأحذية وغيرها من المهن الشاقة الرابحة ولا يقل عددهم فيما أحسب عن نصف هذا القدر فيكون بذلك قد فارق الجبل من أبنائه نحو السبع إذا فرضنا أن سكانه مائة وثلاثون ألفاً على ما قدره بعض العارفين ومع هذا فلا نجد انحطاطاً في زراعته ومن أهم غلاتهم الدخان التوتون يزرعونه في الصيف بعلاً فيجود من وراء الغاية كجودته في جبال اللجام الكلبية والتربة حمراء على الأكثر ويزرعون المزروعات الصيفية كالبقول وبعض الخضر فتنمو كلها بدون سقيا نمواً مدهشاً وزراعتهم الشتوية أحسن من كثير من الأراضي الجبلية في سورية.

وكانت الزراعة تراجعت في القرن الحادي عشر لما أخذت سورية تلتهب بالفتن واشتغل الفلاح بالحروب عن النظر في زراعته فنضب معين الثروة وعاد أكثر الأراضي مهملاً