للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تلك الطائفة التي تعتز اليوم بأموالها وبينها سيجيء عليها زمن تدثر هي وما جمعت ومن جمعت لهم أن لم تعالج ذاك الضعف المميت بقوة العلم والأخلاق ويستخلف ربنا غيرها في أرضهم ممن يصلحها شانه في خليقته منذ دحي الأرض ورفع السماء.

قلعة حلب

أصاب الآثار القديمة في هذه المدينة ما أصاب اثأر غيرها من البلدان فلم يبق منها إلا أنقاض تنبي بمغالاة السلف في تجويد البناء وإحكامه ومن أهم هذه العاديات قلعة حلب فهي أفخم ما في الديار الحلبية من القلاع بنيت وسط المدينة على أكمة ربما كانت صناعية ويحيط بها خندق عظيم كان القدماء يملئونه ماء ليتعذر الوصول إليها إلا من مدخلها وهذا من أحصن ما يتصور العقل ويقال أن مدينة أي حلب القديمة كانت كلها مبنية في هذه القلعة وقد تعاورتها الأيدي بالبناء في قرون مختلفة وظلت مسكونة إلى سنة ١٨٢٢م أيام خربت بالزلازل.

يسير الداخل إلى القلعة على جسر بديع أقيم فوق الخندق فيبلغ برجا خارجا جعل في واجهته أنواع من نوافذ الحديد البديع قيل انه من عهد الملك الظاهر لما وجد في مدخله من كتابة تاريخها سنة ٦٠٥ مع بعض الآيات الكريمة وقد بذل بعض علماء الآثار قدرا وافرا من المال لقلع تلك النوافذ واخذ حديدها وأحجارها إلى متاحف أوربا فلم تقبل الحكومة ولا تزال تحظر الدخول إلى القلعة إلا برخصة لأنها جعلت فيها مستودعا لبعض المهمات العسكرية وفي دهليز القلعة المتعرج عدة كتابات ونقوش بارزة على الحجر ومنها صورة نمرين على الباب ويساره من أجمل ما زبرت أيدي الناقشين على الصخور فإذا دخل المرء من الباب وجد ساحة وأثار عدة شوارع وركاما من الأنقاض بعضها أنقاض جامع ومأذنة وأخرى أنقاض أروقة وأخرى محال لرصد العدو وفي الوسط صهريج كبير يستقى منه إلى اليوم ماء عذب والغالب انه من ماء المطر. والناظر إلى حلب من قلعتها يدرك عظمتها ويتجلى له برها الفسيح البديع ولا سيما زمن الربيع وقد اكتست السهول والجبال بجللها السندسية.

قال ابن الشحنة أول من بنى قلعة حلب سلوقس الذي بنى مدينة حلب وهي على تل مشرف على المدينة وعليها سور محكم البناء وفي وسطها بئر ينزل إليها بمائة وخمس