للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصار بها السمك اه.

أذكرتني هذه البحيرة أو السد أو الخزان بما في بلاد الشام من الأنهر والخلجان والبحيرات الكثيرة التي يذهب ماؤها بداداً ولا ينتفع به في السقيا وقد كان القدماء أعرف بما ينفع من هذا القبيل من أخلافهم شكان هذه الديار اليوم وذلك على قلة ما كان في عهدهم من الأدوات التي أحدثتها مدينة الغرب وتقدم فنون الحيل (الميكانيك) والهندسة والبناء. ولذلك رأينا أعمال أسلافنا شاهدة على الدهر بعظمتهم وأن عقولهم كانت أرقى من عقولنا وأعمالهم أفخم من أعمالنا.

في سورية أنهار كثيرة تجري ولا من ينتفع بها من سكان الجوار فلو وقع الانتفاع بمياه نهر الفرات والعاصي وإبارهيم والأردن والليطاني والأزرق كما بمياه نهر الكلب وبردى والأعوج مثلاً لا خصبت كثير من الأراضي التي تحرم من المياه اليوم وكان في المكنة أن تسقي سيحاً وتغرس فيها أنواع الأشجار.

ولا تشكو سورية في عمرانها قلة الأيدي العاملة ولا النفوس الذكية ولا قلة الخصب وسعة الرباع والأصقاع ووفرة الأمواه وجودة الأهوية بل إنها تشكو من قلة من يفكر في الانتفاع من ثروتها الطبيعية ولو كانت هذه الحكومة تفكر في عمران بلادها على الأقل على مستوى ما تفكر روسيا مثلاً من دول الأرض لاصبحت سورية في بضع سنيت من أعمر الأقطار تشبه ألمانيا والنمسا وفرنسا إن لم تفقها لاعتدل الفصول الأربعة فيها. ولكن جرت الأقدار بأن يتراجع عمراننا حتى بعد أن كانت سورية أنبار العالم في الجنوب ونحن تجلب الدقيق من روسيا وآسيا الصغرى وأميركا وفرنسا والحكومة ساهية لا هية لا يهمها إلا قبض الضرائب والعثور ولو أوشكت البلاد أن تبور في المثل الفرنسوي أن الأراضي تغل على نسبة اقتدار من يقوم عليها.

ولا عبرة في الثروة إلا بما استخرج من كنوز الأرض إلا بما كان مذخوراً في عالم القوة.

المملكة الطرابلسية

كانت طرابلس الشام أيضاً مملكة أيام حكومة الإقطاعات كما كانت صفد والكرك وحماه وغيرها من مدن سورية وكانت طرابلس أو اطرابلس ألف في أولها في رواية أعظم مدن هذه المملكة بل كانت طرابلس في القرن الرابع كما قلا المقدسي أجل من صيدا وبيروت