للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى اضطر كثر من أرباب المظاهر أن يتناولوا عَلَى الرغم منهم عدة صحف في آن واحد ومعظمها متحد النزعة والمعنى تكفي منها الواحدة والثنتان وما زاد عن ذلك فضول وإضاعة وقت. ووطد معظم المشتركين أنفسهم عَلَى قطع اشتراكاتهم السنة بعد الأخرى فكان الوارد عَلَى إرادات الصحف لا يسد نفقات الطبع ويعول القائمين بها في الجملة فاضطرت إلى الاقتصاد غير المحمود حتى أصبحت لفترة في أجرة المترجم والمراسل وأثمان البرقيات وغيرها قصارى أكثرها أن تجيد النقل والاقتباس وتلفق مما حضر لديها من الأخبار أفاد القراء أو لم يفدهم خدم البلاد أو أضرَّ بها.

إن صدور ثماني صحف يومية في ثغر صغير كبيروت دليل الإقدام وهذا العدد لا يصدر مثله من بلاد العرب إلا في مدينة القاهرة ولكن أين مكانة تلك العاصمة من بيروت وهل في مكنة بيروت أن يكون لها قراء كالمصريين استنارة عقولهم وكثرة غناهم وتشاجر الأغراض السياسية في بلادهم. ولولا أن معظم الجرائد الكبرى في نصر أصبحت تصدرها شركات وجمعيات كما هي الحال في الغرب لما عاش أكثرها ولما استطاع القسم الآخر أن يظهر بهذا المظهر من القوة والغناءِ.

ومن أجل هذا فكر بعض أرباب الصحف اليومية هنا أن يتحدوا ويصدروا جريدة واحدة كبرى عَلَى مثال الصحف الرسمية الراقية وفيها ما في تلك من إمارات التحسين والفائدة ولو وفقوا لإتمام هذا المشروع الجليل ونجحوا فيه لخدموا البلاد خدمة تؤثر ووفروا من عنائهم وعناء القراء الفقراء وزاد مع الأيام ربحهم واثبتوا لأهل الشام أن بعض قادة الأفكار من دعاة الاتحاد والوئام علموا الناس بالمثال الحي أن صحافتهم ثرت عَلَى أقدام صحافة الغرب وأن ما يعجز الأفراد عَلَى الاضطلاع به لم يعجز الجماعة. ومتى تمت هذه المنية في الصحف السياسية يسهل تقليدها في المجلات العلمية فتدخل مطبوعاتنا في دور جديد يصح أن يلحق بالراقي من مطبوعات الأوربيين والأميركيين.

إن بيروت التي اعتادت أن تصرف جرائدها في أقطار الشام لا تلبث إذا كانت لها صحافة راقية أن يقبل الناس عليها في جميع بلاد القطر وإلا فتظل كل ولاية بل كل لواء بل كل قضاء مكتفية بصحفها كما هو المشهد الآن في القدس ويافا وحيفا وصيدا وبعبدا وعاليه وجزين وطرابلس واللاذقية وحلب وحماة وحمص ومرج عيون والقنيطرة وزحلة ودمشق