للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عوف والله لتتخذن نضائد الحرير وستور الديباج ولتألمن النوم عَلَى الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم عَلَى حسك السعدان فلم يكن لأنفسهم بد من أن تتأثر بهذه الحضارة ولم يكن لألسنتهم مندوحة عن أن تخضع لهذا التأثر فرقت الألفاظ والمعاني ورشقت الأساليب والتراكيب وقد أعرب القوم عن أهواء أنفسهم وعواطف قلوبهم بالغناء ونشأت فيهم طبقة من الشعراء لم تحسن إلا ذكر النساء والتشبيب بهن وطبقة أخرى لم تجد إلا وصف الخمر والإشادة بمحاسنها وآخرون نبغوا في المدح والهجاء والوصف والرثاء والفخر والوعظ وغيرها من فنون الشعر وقد ظهر ميل القوم إلى العلم فأخذوا يبحثون عنه ويسعون إليه وبدأوا يضعون علوم الدين واستعاروا كثيراً من الألفاظ الأجنبية لكثير من المعاني المحدثة ولكن خطراً كبيراً قددهم اللغة ولم يكن إلى اتقائه من سبيل فلندع العرب الآن في جزيرتهم ولنقف آثار اللغة في مواطنها الجديدة لتعرف هذا الخطر من مصدره ونتبين ما أعدوه له من الدواء.

كيف انتشرت اللغة العربية

خرجت اللغة العربية من جزيرة العرب مع جيش المسلمين فصادفت لغة الفرس والروم في الشام والعراق فطردتهما ثم انتقلت إلى مصر فصادفت لغة الروم والقبط فطردت الأولى ومحت الثانية ثم أخذت طريقها في شمال أفريقية فلقيت لغات البربر فحصرتهن في رؤوس جبال الأطلس ثم جاوزت إلى الأندلس فالتقت باللاتينية والغوطية فحصرتهما في الكنيسة وبيوت المسيحيين.

كل ذلك في مدة لا تتجاوز خمسة وثمانين عاماً فمن أين لها هذه القوة وذلكم البأس الشديد. .؟

هنا يجب أن نسير في البحث عَلَى مهل وأناة لأننا بإزاء شبهة عصرية ترد عَلَى الدين واللغة معاً.

قالوا أن دين العرب ولغتهم لم يسودا إلا بالقوة والسيف ولست أريد الآن أن أذود عن الدين فربما أديت هذا الواجب في محاضرة أخرى وغنما أريدأن أدافع عن اللغة التي هي موضوع بحثنا الآن.

اعتذر بعض القديسين من ظلم الكنيسة في القرون الوسطى فقال يضطهد الأشرار من