للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنه ليحسن بالحكومة التي تعمل عَلَى إصلاح اللغة في البلاد أن تصلح لغتها قبل كل شيء حتى يثق الناس أنها إنما تعمل ذلك في بنية صادقة وعزم صحيح.

الشعر

لم يكن للشعر العربي أن يرقى بعد فساد السليقة اعوجاج الألسنة لذلكم انحط في الأيام الماضية حتى يكاد ينسى ولكنه الآن قد ارتقى بعض الشيء عَلَى أنه لا يزال منحطاً بالقياس إلى الشعر العربي القديم وإلى رقي الإنسان في هذا العصر وإن كان بالقياس إلى شعر القرن الماضي في أرقى الدرجات عَلَى أن العامة قد سلكوا في التعبير عن شعورهم مسلك الإسجال والأوزان البلدية وانقطعت العلاقة بينهم وبين الشعراء الذين اصطنعوا اللغة الفصحى كما قلت في أول المحاضرة.

الخطابة

أما الخطابة فهي الآن قسمان أحدهما خطابة المسجد وهي عبارة عن ألفاظ فارغة قد ملئت بها كتب كثيرة يحفظها أئمة المساجد ويتلونها عَلَى الناس من غير أن يكون لها أثر محمود وأنا أترك لكم تقدير نكبة المنابر الإسلامية بهؤلاء الخطباء بعد أولئكم المصاقع المناطيق.

ومن المضحكات أن القاعدة في صدر الإسلام هي اعتماد الخطباء عَلَى السيوف في البلاد التي فتحت عنوة وعَلَى العصي في البلاد التي افتتحت صلحاً فلما خلف هذا الحلف أصبح أئمتنا يعتمدن الآن عَلَى سيوف من خشب عَلَى نحو من التقليد الممقوت.

الثاني خطابة الأندية والجماعات عَلَى حد سواء كانت سياسية أو علمية أو أدبية وهذا النوع كثيراً ما يشتمل عَلَى المباحث المفيدة ولكن آداب الخطابة العربية قد تنوسيت فيه واستبدلت منها آداب جديدة بين العامية والإفرنجية وقد استباح الخطباء لأنفسهم في الخطابة أشياء لم تكن مستباحة من قبل بل كانت محظورة عَلَى الخطباء كالسعال وشرب الماء وغيرها أما لغة الخطابة فليست بتلكم اللغة الراقية وإنما هي عامية في كثير من الأحيان وبما يخلط الخطيب بين اللحن والإعراب ومصدر ذلكم أنه لم يحسن درس اللغة حين بدأ في تعلمها.

طريقة الإصلاح

لا اعرف في إصلاح اللغة إلا طرقاً ثلاث قديمة غير جديدة أي أني لست مبتدعاً لها بل قد