للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سنين خادماً يحمل أسلحة معلمه فيقود كراعه ويعنى بتربيتها ويلبسه شكته ويخدمه عَلَى مائدته ويجعله في فراشه. فقد كان القدماء يرون من أعظم العار أن يخدم الإنسان إنساناً فلما أتى البربر أصبحت الخدمة منة إمارات الشرف فالسائس يخدم الفارس وهذا يخدم سيده القوامسة (والكونتية) والدوقات أيضاً يخدمون الملك عَلَى المائدة في الحفلات.

فإذا بلغ السائس أشده يقبله أحد الفرسان في جملة رجاله باحتفال وكان هذا ساذجاً أولاً والفارس يدفع إلى المبتدئ سلاح فارس وهو عبارة عن ترس ودرع ورمح. ثم يصفعه عَلَى نقرته بجمع يده فالفارس الجديد يقفز عَلَى السرج ويرمح قليلاً وأحياناً يتسايف مع مجدار (شخص من خشب) منصوب أمام القصر وبهذا يكون الفارس فارساً وبعد حوالي القرن الثالث عشر أصيف إلى هذه الحفلات حفلات دينية في الكنيسة فيقام قداس وصلوات ووعظ يوجه إلى الفارس أما العادات الفخمة في قبول الفارس عَلَى ما يصفونها في الأقاصيص الحديثة فلم توضع إلا في القرن الخامس عشر. ولكل سائس الحق أن يصبح فارساً ولكن الواجب أن يكون غنياً ليتجهز بالسلاح والعدة ويعول سائساً وخدماً ولذلك يبقى معظم الشرفاء مواساً طوال حياتهم.

أخلاق الفرسان - لا يمتاز شرفاء القرون الوسطى عن الفلاحين بتعلمهم ولا بتهذيبهم فمعظمهم لم يكونوا يعرفون القراءة وما شانهم إلا الشرب والطعام والصيد والحرب وكانوا في العادة متوحشين قساة وأحياناً حفاةً غلاظاً فقد قتل ريشاردس قلب الأسد مثال الفروسية ٢٥٠٠ أسير من العرب وقد فقأ عيون خمسة عشر فارساً أسروا في حرب أثارها عَلَى فيليب أغسطس وأعادهم إلى ملك فرنسا تاركاً لهم دليلاً منهم أبقى له عيناً واحدة يبصر بها فأجاب فيبليب أغسطس عَلَى عمله بأن فقأ معيون خمسة عشر فارساً من فرسان ريشاردس وأعادهم إليه تحت قيادة امرأة حتى لا يظن أحد كما قال مادحه بأنه دون ريشاردس قوة وشجاعة ولا أن يذهب إلى أنه يخافه. وفي سنة ١١١٩ فقأ أوستاش دي بروتل أحد كبار السادة النورمانديين وصهر ملك إنكلترا عيني أحد الأشراف الذين كانوا عنده رهينة فاحتال والد المقلوعة عينه أن اخذ بنات أوستاش بواسطة جدهم وفقأ عيونهن وجدع أنوفهن. وهذا الإغراق في الشدة والقسوة البربرية لم يزل مالوفاص إلى القرن الرابع عشر والقرن الخوامس عشر. وقد أصبح الفرسان بحياة التشرد عَلَى هذا النحو قساة القلوب غلاظ الطبع