للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسلوب من البرهان في إثبات كثير من القضايا التي لم يجد لها مخرجاً غيره. وجعل جملة القضايا التي تمكن من جمعها واستخراجها في ثلاثة عشر كتاباً وقف الستة الأولى منها هندسة الخطوط والزوايا والسطوح البسيطة والأربعة التي بعدها على الهندسة الحسابية من خواص الأعداد ونسبتها لبعضها وعلاقتها بالأشكال الهندسية والثلاثة الأخيرة على المستويات المتقاطعة والمجسمات وإلى هذه الثلاثة أضاف هيبسكل مهندس الإسكندرية الذي ظهر بعد إقليدس بنحو قرن ونصف قرن كتابين أكمل بهما الناقص من كتب إقليدس في تلك الأبواب. ومازالت الستة الأولى مع الحادي عشر والثاني عشر من كتب إقليدس معولاً عليها في أكثر المدارس لتلقين فن الهندسة وإلى اليوم لم يستطع المشتغلون بهذا العلم أن يأتوا بتبويب يفضل تبويب إقليدس ويختار عليه لسهولة التحصيل. وينقل أيضاً أنه وضع كتاباً في المقاريض وبعض مقالات في قطوع المخروط وثلاثة كتب في قضايا المسائل السيالة التي يفضي حلها إلى نتائج متعددة غير أنه لم يحفظ للخلف شيءٌ من هذه الكتب. وبعد إقليدس أصبح علم الهندسة سهل المأخذ قريب التحصيل وصار لابد للراغبين فيه من درس كتبه قبل كل شيءٍ. ولم يعد يحسب من فطاحل الفن والمكتشفين فيه إلا من زاد شيئاً خطيراً على ما في تلك الكتب أو أدخل أسلوباً جديداً أو اكتشف قضايا مجهولة لها شأن يذكر وهذا راجع إلى أن علم الهندسة مثل غيره من العلوم الرياضية لا تخلق جدته ولا تنقصه الأيام بمرورها أو العصور بكرورها. وكان بطليموس ملك مصر يقرأ الهندسة على إقليدس فوجد صعوبة في حفظها وتعاصى عليه فهمها لأنه كان يتوقع أنها تهون لديه كما هانت عقبات الملك وصعوبات السلطان ويكره أن يعنت فكره وينهك قواه في إدراكها فالتفت إلى معلمه وقال له ألا يوجد إلى الهندسة طريق أسهل من هذه؟ فأجابه إقليدس بقوله ليس إلى العلم سكة سلطانية وعنى بها أن السلاطين والعامة سواءٌ في اعتبار العلم وتحصيله فذهب قوله مثلاً عند اليونان وأخذه عنهم الغربيون في هذا الزمان وجروا عليه بالعمل فوضع الملوك أولادهم في المدارس الكبرى والصغرى يتلقون العلوم مع رعاياهم ويأخذون الفنون عن الأساتذة كما يأخذها غيرهم ويحتملون القصاص ويأخذون الجوائز التي يستحقونها بجدهم ونشاطهم وآدابهم بدون أقل مزية على الفقراء الخاملين من الطلبة.