للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هي اليوم وما من شيء كان يدل عَلَى ما يكون مصيرها فقد كانت المدن صغيرة حقيرة إلا أربع منها فقط يزيد سكانها عَلَى عشرة آلاف نسمة حتى أن صوف الغنم الإنكليزي لم يكن ينسج في إنكلترا بل يبيعه الإنكليز من حاكه فلا ندر عَلَى نحو ما تقدم أوستراليا اليوم صوفاً للمعامل الإنكليزية وما كان لهم بعد أسطول ولا ملاحون وهم عبارة عن فلاحين ومربي حيوانات ومع هذا فقد كان يلاحظ الناظر فيهم صفات تكون أمة عظمى ألا وهي النشاط وفكر الاستقلال وبطل القصائد الإنكليزية روبين هود زعيم اللصوص عاش في الغابة يقتل حراسها وبطل الشحنة ومع هذا كان يجود عَلَى فقراء الأكارين وقد صادف ذات يوم عَلَى جسر جان الصغير الذي لم يرض أن يذل له فأخذا يقتتلان بالعصي حتى رنت عظامهما فسقط روبين في الماء وهكذا أصبحا أحباباً وأخذ الإنكليز يحبون هذه المقاتلات التي يخرج منها المتقاتلان وقد كسرت ثناياهما وانثلمت خاصرتاهما وإليك المديح الوحيد الذي مدح به أمته أحد أشراف الإنكليز السير جون فورتسكو: كثيراً ما شوهد في إنكلترا ثلاثة أو أربعة من اللصوص ينقضون عَلَى سبعة أو ثمانية من أبناء الحشمة ويقتلونهم بأجمعهم أما في فرنسا فلم يشاهد سوى سبعة أو ثمانية من اللصوص ليس لهم من الجرأة إلا ما يستطيعون معه ثلاثة أو أربعة من أهل العرض ولذا كان المصلوبون من الرجال في إنكلترا خلال سنة بدعوى اللصوصية والقتل أكثر مما كان في فرنسا محكوم عليهم منهم بمثل هذه الجرائم مدة سبع سنين. ولذا احتاج هؤلاء الإنكليز حاجة لا تغالب إلى الاستقلال. قال هذا المؤلف بعينه: إن الملك لا يستطيع أن يحكم عَلَى هذه الشعوب بغير القوانين التي أقروا هم عليها ولذلك لا يستطيع أن يجني منهم ضرائب بدون رضاهم. ثم قابل بين رفاهية الفلاح الإنكليزي وشقاء الفلاح الفرنسوي فقال أن كل ساكن في هذه المملكة يتمتع بالثمرات التي تأتيه به أرضها وماشيته يستعملها كما يشاء وما من أحد يحول دونه ودون الاستمتاع بها اغتصاباً ولا يطلب قط إلى التقاضي إلا أمام القضاة العاديين وبحسب قانون البلاد ولذا اغتنى أهل هذه الديار فملكوا الذهب والفضة وجميع الحاجيات فتراهم لا يشربون ماء بتة اللهم إلا أن يكون ذلك عَلَى سبيل التوبة ويطعمون لحوماً وأسماكاً بكثرة وأقمشتهم من جيد الصوف قهم أغنياء بأثاثات بيوتهم وبأدوات الزراعة وفي كل ما من شأنه أن يجعل الحياة وديعة.