للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت]

قليل من الناس بل من غلاة الكتب من يعرف من أمر هذه الخزانة الغنية الموجودة في المدينة المنورة شيئاً لعدم وجود فهرس مطبوع لها حتى أنك لا تجدها في ترجمة حياة صاحبها في كتاب قاموس الأعلام المؤلفة شمس الدين بك سامي الألباني كأنها ليست من الأعمال التي تجدر بالذكر أو أن يكون المترجم عرض بها فرفعوا قلم المراقبة في عهد السلطان السابق وقد كنا في عداد جاهليها إلى أن كتبت مجلة المقتبس بعض أسماء المخطوطات فيها وفي مكاتب المدينة المنورة نقلاً عن الشيخ جمال الدين القاسمي في الصفحة ٧١٨من السنة الرابعة ثم عادت فنشرت قائمة أخرى بتوقيع إبراهيم أفندي حمدي خربطلي في الصفحة ٣٧٩ من السنة الرابعة.

والذي زادنا تعريفا بها هو وصف صديقنا المتقبس لها في رحلته إلى طيبة إذ يقول وأحسنها أي خزائن كتب المدينة المنورة وربما كانت خير مكتبة في البلاد العثمانية كلها بنظامها وانتقاء أمهاتها هي مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت أفندي ففيها نحو عشرة ألاف مجلد كتبت بخطوط المشهورين من الخطاطين كأن تجد الكتاب ذا العشرين جلداً مكتوباً بخط مشرق بديع في مجلد أو مجلدين وفي هذه المكتبة من التسهيل على المطالعين والعناية براحتهم مالا تكاد تجد مثله في دار الكتب الخديوية بمصر لعهدنا وما ذلك إلا لكثرة ريعها وإنفاقها في سبله واختيار القيمين عليها وادرار المشاهرات الكافية عليهم.

فلما قصدت إلى البلد الطيب صيف السنة الفائتة كان غابة مارميت إليه بعد زيارة الحجرة المعطرة زيارة هذه المكتبة فأخذني الدليل من زقاق ضيق عن يسار باب السلام وما كدنا نجتاز منعطفا هناك حتى كنا أمام دار المكتبة وهي ذات طابقين ومبنية من الجرار الحجر الأسود خلافاً لأكثر دور المدينة المبنية من اللبن فدخلناها من باب امتلأت حوله أصاحي الرياحين والأزهار واجتزناه إلى الغرفة الكبرى المتخصصة بحفظ الكتب فألفينا بعض المطالعين والنساخ يطالعون وينسخون كأن على رؤوسهم الطير إلا حركة خفيفة تنبعث مرة بعد أخرى من أهواء المهواة التي بأيديهم دفعاً لشدة حمارة القيظ.

ولما استتب بنا الجلوس أتى إلينا حافظ الكتب بفهارس المكية الخطية وطلب غلينا معرفة اسمنا فلسمنا بطاقتنا وصرنا نطالع الفهارس المرتبة على أنواع العلوم والفنون والمنسقة تنسيقاً جميلاً يدل على ذوق سليم مما يعد عنواناً على نظام هذه المكتبة كما تراه في المثال