للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بموجب القواعد المقررة وهم أحرار فيما عدا ذلك أما الرهبان فدائرتهم أضيق لأنهم يعيشون في مدرسة واحدة مع أقرانهم ويطعمون طعاماً واحدا ويكون في الاكثر طعام تقشف ولا يخرجون إلا برخصة أي أن هؤلاء مقيدون كثيراً ولا قيد صغار الطلبة في المدارس الداخلية.

والرهبنات أقسام منها الفرنسيسكانيون والدومنيكيون واليسوعيون واللعازريون وغيرهم ولهم أنظمة وقوانين مشوا عليها منذ قرون وأفادوا النصرانية بنشرها في البلاد التي لم تدخلها ولا سيما في الصين والهند واليابان وأواسط أفريقية وغيرها من البلاد النائية.

وكان لليسوعيين يد طولى في هذا الشأن وهم بين الرهبان والقسوس أي أنهم يترفهون ويأكلون ما يشاؤن لكنهم يأوون إلى بيت خاص خلافاً للرهبان الذين يأكلون أكلاً معيناً وخلافاً للقساوسة الذين يأوون إلى بيوتهم واليسوعيون بجند منظمون على نظام غريب لم يختل على كثرة ما نالهم من اضطهاد الحكومات في الأزمان السالفة.

قال الأمير بورغزه في كتابه ايطاليا الحديثة: إن تأسيس طغمة اليسوعيين المشهورة هو من غرائب النظام الحقيقي فتراها جمعية مؤلفة من عناصر مختارة تخضع على الدوام لأداة الرئيس مباشرة والداخل فيها يربى على الطاعة بالتدريج والخروج المطلق عن شخصيته وإرادته. ويتراءى للناظر في نظامهم أن واضعه جندي فإن كل شيء فيه يشعر بالنظام. وقال أن نظام هذه الرهبنة ربما جرى في وضعه أغناس لويولا مؤسس اليسوعية على قواعد بعض الجمعيات الإسلامية التي كانت مشهورة في الأندلس فبنى نظام رهبنته على طاعة لا نهاية لها فتوصل بهذه الصورة أن يؤلف جيشاً يتصرف به رؤساؤه تصرفاً مطلقاً وتفنى إرادة صغيرهم في كبيرهم.

ولمعظم الرهبان والقسوس أعمال علمية وغيرها يتعاطونها ويبرزون فيها فإذا انقطعوا للتدريس تخرج بهم طلاب كانوا صورة صحيحة منهم وإذا أخذوا بالتأليف قد يعدون من كبار المؤلفين ولذا ترى الناس في ايطاليا وفي غيرها كثيراً ما يفضلون أن يربى أولادهم على أيدي القسوس وإن كان آباؤهم ملاحدة مارقين من دينهم.

ترى الرهبان إذا أخذوا بالزراعة والصناعة بما سبقوا من تخرجوا فيها أعمارهم والحكومة هنا قد جعلت رواتب لقسوس الطليان كما عينت راتباً للحبر الأعظم منذ يوم أخذت حكومة