للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن هذا الدهر تأتي صروفه ... فتبرم منقوضاً وتنقض مبرما

ثم نهضت فلما قاربت الدهليز قال: يا فتى أرأيت مفلوجاً ينفعه الإهليلج قلت: لا. قال: فإن الإهليلج الذي معك ينفعني فابعث لي منه فقلت: نعم وخرجت متعجباً من وقوعه على خبري مع كتماني له وبعثت له مائة إهليلجة.

قلنا ولو وقعت حكاية الإهليلج لرجل من المتأخرين لعدها للقائل كرامة وراح يدعي أن صاحبه يعلم الغيب ويكشف مخبآت القلوب ويتصرف في الكون وأهله إلى آخر ما يلغط به المهووسون في هذه القرون وقد بلغ من ضعف العلم والعقول أن لو أنكر منكر ذلك لرموه بكل كبيرة ولكن ذاك الأمير البرمكي عد بفطرته السليمة ما صدر عن الجاحظ قوة فراسة ونسبه إلى اتفاق صادف واقعاً. ولو أتيح لنا الاطلاع على ترجمة مفصلة للمترجم به لعرفنا الجاحظ ونشأته وما وقع له في عصره وما أثر عنه من المصنفات التي تعد بالعشرات أكثر مما عرفنا منه وما علينا للوقوف على ذلك إلا أن نعمد إلى النظر إلى تآليفه ففيها أعظم ترجمة حافلة له وكلام الرجل أصدق ما ينبئ عنه.