للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على بعض ألفاظ نقلتها عن أصل وضعها للدلالة على معان علمية حديثة أومذاهب جديدة لم أجد لها دلالة في لغتنا العربية لمسوغ ملابسة بين المعنى الوضعي والاصطلاحي كما هو شأن المؤلفين والمترجمين في كل اللغات وليس فوات مثل هذه الدلالة الجديدة نقصاً منحصراً في لغتنا العربية إنما هو شامل لكل الألسنة المستعملة بين الناس لأن واضعي اللغات تقصر بهم المدارك عن استغراق كل المعاني الموجودة والممكنة ويمتنع عليهم ضبطها في دلالات اللفظ على أن اللفظ وإن كان محدوداً بالفعل فلا يحبس قوته حد بدليل توسع نطاق الذهن بالممارسة ودوام تقدم العلوم تقدماً يزيد مع الأيام والأعصر حتى دهش العقل نفسه من سموترقيه وهو لا يزال يرغب فيه ويرتاده يوماً فيوماً بدافع نزعته ألفطرية. ولعل هذا النقص في الوضع هو كان السبب في توسيع التجوز والاستعارة في الكلام ثم في الاصطلاحات التي يسمونها الاصطلاحات الخاصة الرائج استعمالها في كل الألسن بيد أن هذا أيضاً لم يكن كافياً لسد الثلمة وقضاء اللبانة فكم من المعاني تبقى شاردة عن مصادر الألفاظ الوضعية والمجازية والإستعارية والاصطلاحية بالاصطلاح الخاص المستعمل فهذا الاختبار اليومي يشهد بشدة ما يقاسيه المؤلف والمترجم من عناء تقليب المعاجم وتصفح صحائف أهل اللغة وفرك جبهة الذاكرة فلا ينشد ضالته بل يعود حابط الجد والقلب شيق متطلع إلى ما يرى من بديع المعاني لامعة في فضاء ألفكر يشرئب عبثاً إلى اصطيادها بشراك اللفظ الواهية وعليه فإنك ترى علماء الغرب والمصنفين قد لجأوا إلى حيل النحت في الألفاظ وأكثر ما يكون هذا النحت عندهم من اللغة الإغريقية لتأصلها من أصل وضعها إلى بناء الكلمة الواحدة من ألفاظ كثيرة دالة وعدم حصر الأسماء في أوزان قياسية لا تتجاوزها فكأنما هذه الحلقة قد خلقت ينبوعاً للألفاظ العلمية في كل عصر يستقي من فيضه المؤلف والمترجم هذا وما كان أجدر بواضعي قواعد اللغات وخصوصاً بأئمة لغتنا العربية أن يصلحوا على طريقة يتهيأ لهم بها سد خلل الوضع والقيام بما لا يفي به من المجاز والاستعارة والكناية وذلك مثلاً بأن يسوغوا ما تسوغه اليونانية من النحت والتركيب رابطين قاعدة عامة يكون النحت بها قياساً مصطلحاً عليه فيستعمله المصنف أوالمترجم بلا حرج ويفهمه المطالع اللبيب بقليل من الإشارة ويعلق بحافظته لأنه مركب من ألفاظ يأنسها هي من لغته. وليس النحت بدعة في العربية ولا منكراً منه وله اسم عربي