للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرومانية فلم يروهن غير العاشقين وأصبح الزواج حينئذ تسرباً مختلطاً. وتشير حرية النساء وضعف ارتباطهن بالرجال وكثرة تغيير الزوجات وإفراغهن على الغير - إلى أن انتشار تعدد الزوجات تحت اسم مستعار.

وفي غضون ذلك ابتدأت تعليم النصرانية الأولى تنتشر على شطوط الجليل وتنير العالم الروماني كله. وتأثير الاسينيين الظاهر في تعاليم المسيح وما يضاف إليه من الاعتقاد بقرب صراحة.

وهكذا بقي حال تعدد الزوجات حتى منعه يستيانس إلا أن هذا المنع القانوني لم يغير شيئاً في آداب الأمة وبقي حال تعدد الزوجات كما كان عليه حتى مجته أذواق أهل القرون المتأخرة وكأنت الزوجات ما عدا الزوجة الأولى تئن تحت أعباء ثقيلة لا حقوق لهن ولا ضامن بل كن عبيد أوهام أزواجهن وتصوراتهم وأولادهن لا يورثون بل كانوا يدعون نغولاً ويعاملون معاملة المتشردين ولم يكن هذا النوع من الزواج محصورا في الطبقة العالية فقط لأن خدمة الدين كثيراً ما نسوا عهد الرهبانية وارتبطوا بغير واحدة من النساء سواء كان ارتباطا مشروعا أو غير مشروع.

ومن المحققات التاريخية التي لا تقبل الشك أن تعدد الزوجات لم يستنكر إلا في الأعصر المتأخرة. والظاهر أن القديس اغسطينس نفسه لم ير فيه سقوطاً في الآداب أو إثماً وحرجاً بل صرح أن تعدد الزوجات لا يعد جريمة لأن قوانين البلاد تبيحه.

وأننا نرى المصلحين الجرمانيين وهم في عصر متأخر كالعصر السادس عشر أباحوا الزواج مثنى وثلاث لأسباب العقر أو ما أشبهه.

ويقول بعض الباحثين وهم لا يرون إثماً في تعدد الزوجات أن المسيح لم يصرح بمنع هذه العادة ويذهبون إلى أن الاقتصار على زوجة واحدة هو من العوائد الداخلة على النصرانية من الجرمانيين أو اليونانيين والرمانيين. أما الاحتمال الثاني فهو يخالف الحقائق التاريخية مخالفة ظاهرة ولا يجدر بالذكر.

وأما الاحتمال الأول وهو القول بالأصل الجرماني فإنه يتوقف على شهادة ضعيفة لواحد أو اثنين من الرومانيين الذين هم أكذب الناس في شهادات ينتفعون من التلاعب بها ولو فرضنا صحة شهادة تأستس فبماذا نعلل تعدد الزوجات بين سراة الجرمانيين حتى القرن