للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بل لمن اكتشف أحسن أسلوب وأعظم واسطة لإثباتها وإقناع العموم بها منطقياً حسياً فلم ينتج أدنى منفعة للعلم من هذا الاكتشاف ولم يتصد أو يتحزب له أحد بل دامت المجالات في مسألة التولد نحو مائتي سنة وهي في طور الحدس ولم يتقدم أكثر مما فعل ريدي.

تغلب رأي التولد الطبيعي أو الحيوي

عندما اخترعت النظارة المعروفة بالميكروسكوب أي نظارة الإجرام الدقيقة وسميت عندنا بالمجهر فتحت طريقاً جديدة للبحث في مسألة التولد المذكور وللحكم فيها حاسياً من بعد التحقق بالنظر بالعيأن فجرى التخالف والجدال بين القائلين بتولد الدقيق من الحيوان من دون والد أو طرائياًَ والذين لا يقبلون إلا بالتولد الحيوي الطبيعي مطلقاً فادتهم خاتمة كل بيضة من بيضة. فمن بعد اختراع المجهر طرحت المسألة هكذا: هل التولد الذاتي ممكن ومن أين تتولد الديدان والذباب وبقية الحشرات من الدقيق من الحيوان.

فقال ندهام الإنكليزي: أن الرأي المشهور بأن الديدان حتى الفيران والعقارب وغيرها قابل للتولد من ذاتها طرائياً في المواد الآلية الخأمرة قد تبين غلطة واضمحل على أنه من انحلال تلك المواد وفسادها بتولد حقيقة ألوف من الحيوانات الدقيقة التي لا ترى إلا بالمجهر. فلا يقتضي أن ننكر أو نشك في هذه الحقيقة من أجل غلطنا وجهلنا في تلك.

ثم قام بفون الشهير وتحزب لندهام المذكور وحامى عن آرائه فتغلب وقتئذ على الحيويين لأنه لم يكن بينهم كفوء لمقاومته. وفي سنة ١٨٢٨ اكتشف اهرنبرغ نوعاً من الحيوانات في الماء والتراب لا ترى إلا بالميكروسكوب ما سماه بالانفروار وهي خلايا متفردة ومنفردة عن بعضها كل منها قائم بذاته وله جميع الخواص الحيوية أعني الإغتذاء والنمو والتولد. ومن بعده بثمان سنوات سنة ١٨٣٧ أظهر شوان الألماني وكانيارد لاتور الفرنسوي كل من قبله ومن تعاط بينهما ولكن الأول أسبق - بأن الاختمار الذي يصل حيث توجد المواد الآلية هو فعل حيوي مختص بالخلايا أو الحيوانات الدقيقة لا يصل إلا بها ملازم لها ومتوقف عليها البسيطة التي الأوكسجين الذي يكون بمنزلة الغذاء للخلايا. فداع هذا الاكتشاف وصار قاعدة عليها بني رأي الحيويين فعلاً وطرحت القضية هكذا. هل أن الاختمار والتعفن وبعض الأمراض تفعلها الخملايا فعلاً حيوياً ناتجاً عن اغتذائها بشيء مما تتركب منه المواد القابلة للاختمار.