للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي عن مواقعة الشجرة، و"عَنْ " كلمة تقتضي المجاوزة عن سبب ثابت، كقولهم: رميت عن القوس - انتهى.

{مِمَّا كَانَا فِيهِ}

قال الْحَرَالِّي: "في" كلمة تقتضي وعاء مكان أو مكانة، ثم قال: أنبأ الله عز وجل بما في خبء أمره مما هو من وراء علم الملائكة، بما أظهر من أمر آدم، عليه السلام، وبما وراء علم آدم بما أبدى من حال الشيطان باستنزلاله لآدم حسن ظن من آدم بعباد الله مطلقا، حين قاسمهما على النصيحة.

وفيه انتظام بوجه ما بتوقف الملائكة في أمر خلق آدم، فحذرت الملائكة إلى الغاية، فجاء من وراء حذرها حمد أظهرت الله من آدم، وجاء من وراء حسن ظن آدم ذنب أظهره الله من الشيطان، على سبيل سكن الجنة، فرمى بهما عن سكنها، وبما أظهر له بما فيها من حب الشجرة التي أطلع عليها.

ثم قال: وحكمة ذلك، أي نسبة هذا الذنب إلى الشيطان بتسببه، أن الله، عز وجل، يعطي عباده الخير بواسطة وبلا واسطة، ولا ينالهم شر إلا بواسطة نفس، كما وقع من الإباء للشيطان، فكانت خطيئته في ذات نفسه، أو بواسطة شيطان، كما كانت مخالفة آدم، فكانت خطيئته ليست من ذات نفسه، وعارضة عليه من قبل عدو تسبب له بأدنى ما منه من زوجه التي هي من أدنى خلقه، فمحت التوبة الذنب العارض لآدم، وأثبت الإصرار الإباء النفساني للشيطان، وذكر الحق، تعالى، الإزلال منه باسمه الشيطان، لا باسمه إبليس، لما في معنى الشيطنة من البعد والسرعة

<<  <   >  >>