للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} لأن الحق، تعالى، أظهر الكون كتابة دالة على أمره، وجعل في العقل نورا يقرأ به كتابه، فمن لا نور له فهو من أصحاب النار، فهو إما تابع هدى بنور العقل وتنبيه الإيمان، وإما صاحب نار، فقال: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} لأنه لما كان من الذين كفروا بكتاب الخلق من تقبل الإيمان بتنزيل الأمر، اختصت كلمة العذاب بالذين تأكد كفرهم بالآيات المرئية بتكذيبهم بالآيات المنزلة، فكفروا بما رأوا فكانوا عميا، وكذبوا بما سمعوا فكانوا صما - انتهى.

{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

قال الْحَرَالِّي: وقوله "هُمْ" فيه إشعار بإشراب العذاب بواطنهم، وبلاغه إلى أنفسهم بعذاب الغم والحزن واليأس، وغير ذلك من إحراق النار بواطنهم، وفيه إشعار بكونهم فيها في الوقت الحاضر من حيث لا يشعرون. "الذي يشرب في آنية الذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم". والنار أقرب إلى أحدهم من شراك نعله، فهم فيها خالدون، وإن لم يحسوا في الدنيا بحقيقتها، كما أن المهتدين في جنة في الدنيا، وإن لم يشاهدوا عيانها، فكل خالد فيما هو فيه في الدنيا غيبا، وفي الآخرة عيانا، وفي القبر عرضا. {لترون لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}. {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}. وهنا انتهى خطاب الفرقان

<<  <   >  >>