للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بانقطاع قوم عن ذلك التمادي، بما يفهمه ماهو للخلق بموضع الترجي، وفي طيه إشعار باستبدادهم بالأمر بعد وفاة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وانقسامهم فيه بين ثابت عليه، دائم الاهتداء فيه، ومتغير عنه، كما ظهر فيما كان من ثبات من ثبت بعده، وردة من أرتد - انتهى.

{يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا}

قال الْحَرَالِّي: وفيه أخذهم بما هو في طباعهم من إيثار أمر السمع على أمر العين الذي عليه جبلت العرب، لأنها أمة تؤثر مسموع المدح والثناء من الخلق على ما تناله من الراحة، فتجهد في طلب الثناء من الخلق ما لم تجهد أمة غيرها، فكيف بها إذا كان ما دعيت إليه ثناء الحق عليها، وتخليد ذلك لها في كلام ربها، فتنال بذلك ماهو فوق مقصودها، مما جبلت عليه من إيثار السماع على العين، بخلاف ما عليه سائر الأمم.

ثم قال: وفيه إغناء العرب عن أعمال أفكارها في تكسب العلم والحكمة، لتستخرج منه أحكاما، فكان في تلاوة الآيات عليهم إغناؤهم عن الاستدلال بالدلائل، وأخذ الأمور بالشواهد، وتولى الله ورسوله تعليمهم ليكون شرف المتعلم بحسب علاء من علمه، ففضل علماء العرب على سائر العلماء كفضل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على معلمهم ممن سواه، - صلى الله عليه وسلم - انتهى.

{وَيُزَكِّيكُمْ}

قال الْحَرَالِّي: أنبأهم بأن هذا التنزيل لأنفسهم بمنزلة الغذاء للأبدان، فكما تتنامى أجسادهم بماء المزن، ومامنه، فكذلك تتنامى أنفسهم بأحكام الكتاب وتلاوة

<<  <   >  >>