للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما كان منزل القرآن لإقامة الأمور الثلاثة التي بها قيام المخاطبين به: وهو صلاح دينهم، وهو ما بين العبد وربه، من عمل أو إلقاء بالسلم إليه، وإصلاح دنياهم، وهو ما فيه معاش المرء، وإصلاح آخرتهم، وهو ما إليه معاده، كان لذلك منزل القرآن مفصلا بأحكام تلك الأمور الثلاثة، فكان شذرة للدين، وشذرة للدنيا، وشذرة للآخرة، فلما كان في صدر هذا الخطاب {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} وهو خطاب للملوك، ومن تبعهم من رؤساء القبائل، ومن تبعهم، انتظم به بعد ذلك حكم من أحكام أهل العلم ومن تبعهم في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} الآية، ثم انتظم به ذكر الوصية من أهل الجدة، ثم انتظم به ذكر أحوال الرشي من الراشي والمرتشي، ليقع نظم التنزيل ما بين أمر في الدين، ونهي في الدنيا، ليكون ذلك أجمع للقلب في قبول حكم الدنيا عقب حكم الدين، ويفهم حال المعاد من [عبرة -] أمر الدنيا، فلذلك تعتور الآيات هذه المعانى، ويعتقب بعضها لبعض، ويتفصل بعضها ببعض، كما هو حال المرء في يومه وفي مدة عمره، حيث تعتور عليه أحوال

<<  <   >  >>