للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لِلَّذِينَ كَفَرُوا}

قال الْحَرَالِّي: ففي ضمنه إشعار بأن استحسان بهجة الدنيا كفر ما، من حيث إن نظر العقل والإيمان يبصر طيتها، ويشهد جيفتها، فلا يغتر بزينتها، وهي آفة الخلق في انقطاعهم عن الحق، وأبهم، تعالى، المزين في هذه الآية ليشمل أدنى التزيين الواقع على لسان الشيطان، وأخفى التزيين الذي يكون من استدراج الله، كما في قوله تعالى: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} - انتهى.

{وَيَسْخَرُونَ}

وقال الْحَرَالِّي: هو استزراء العقل معنى، بمنزلة الاستسخار في العقل حسا، {مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}: لما هم فيه من الضعف والحاجة لإعراضهم عن الدنيا، رغبة فيما عند الله، لما وهبهم الله، سبحانه تعالى، من العلم الخارق لتلك الحجب، الكاشف لأستار المغيب، ولأن الله يزوي عنهم الدنيا، ويحميهم منها، رغبة بهم عنها لكرامتهم عليه، كما يحمي الإنسان حبيبه الطعام والشراب إن كان مريضا لكرامتهم عليه، فصار الكفار بهذا التزيين مع ما بواناهم من الهوان بأنواع التهديد التي لا مرية في قدرتنا عليها، مشغولين يلعاعة من العيش، فهم راضون بأحوالهم، مسرورون بها، بحيث إنهم لا ينظرون في عاقبة، بل مع الحالة الراهنة فيهزؤون بأهل الحق، متعامين عن البينات، معرضين عن التهديد، تاركين الاستبصار بأحوال بني إسرائيل.

<<  <   >  >>