للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال مارغوليوث: «إنَّ معنى السُنَّة في صدر الإسلام: ما كان عُرفاً مألوفاً» (١).

إنَّ قوله هذا لا يستند إلى دليل وهو واهي في غاية الوهاء لأنَّ النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان مُشَرِّعاً بالوحي الإلهي لا مُقلداً للأعراف الجاهلية لأنه لم يكن ثم أي عرف قبل تشريع النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأحكام بالوحي الإلهي إلاَّ الأعراف الجاهلية، ومحال أنْ يتَّبع النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأعراف الجاهلية بَدَلَ الوحي الإلهي، وفساد كلامه ظاهر مستغن من الإطالة في ردِّه.

وأما قول شاخت أنَّ السُنَّة: «إنما هي النظائر السابقة» فلم تكن ثم قبل زمان النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاَّ الجاهلية البحتة لأنَّ شريعة - موسى وعيسى - عَلَيْهِمَا الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - كانتا حُرِّفَتَا ومُسِخَتَا ولم يبق أي عمل من شرائع الأنبياء السابقة إلاَّ بعض أفعال الحج وتوحيد الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

وخلاصة القول: إنَّ السُنَّة معناها في اللغة - الطريقة والعادة حسنة كانت أم سيئة، وقد استعملها الإسلام في معناها اللغوي ثم خصَّصها بطريق النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ومن ناحية أخرى فإنَّ هذه الكلمة لم تكن مصطلحاً وثنياً قط ولم يكن يقصد بها عند المسلمين عُرف المجتمع. اهـ.


(١) انظر " دراسات في الحديث النبوي " للأعظمي: ص ٥ - ٦.

<<  <   >  >>