للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقسم الرب - جَلَّ وَعَلاَ - في هذه الآية بذاته بأنْ لن يذوق أحد طعم الإيمان ما لم يرض بقضائك يا محمد - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - ثم لا يشعر المتحاكمون إليك بحرج أو ضيق في أنفسهم بما قضيت فيهم.

فهل يُؤَدِّي حكمه بعد هذا الخبر الإلهي في القضاء وفصل الخصومات إلى الشرك بل حكمه عين التوحيد وامتثال للأحكام الإلهية بل هو حكم الله تعالى: ولو اقتضت الإرادة الإلهية عدم التحاكم إلى السُنَّةِ كما يزعم هؤلاء لما صح مجيء كاف الخطاب في قوله: {يُحَكِّمُوكَ} ولما جاءت تاء الخطاب في {قَضَيْتَ} للتنصيص على ذك. وقد تكرر هذا المفهوم في آيات متعددة من القرآن الكريم بل علقت بعض الآيات الهداية والفلاح والإيمان بالتسليم لحكمه وطاعته - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -. قال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (١).

وقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢).

ويقول في آية أخرى مُحَذِّرًا من مغبة عدم اتِّبَاعِهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - نافيًا الإيمان عن أولئك: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (٣).

وأما استدلالهم بقوله: {إِنِ الْحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ} (٤).


(١) [النور: ٥٤].
(٢) [النور: ٥١].
(٣) [النور: ٤٧].
(٤) [الأنعام: ٥٧]، [يوسف: ٤٠]، [يوسف: ٦٧].

<<  <   >  >>