للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقول الحافظ أسلم: «الأمر الذي لا مِرَاءَ فيه أَنَّ الصحابة قد أدركوا حقيقة نهي النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن كتابة سُنَنِهِ وعرفوا أَنَّ الأمم السابقة لم تضل إلاَّ بسبب كتابة روايات أنبيائها» (١).

ويضيف فيقول: «االشيء الملفت للنظر هو أنَّ الأحاديث لو كانت لها الصفة الدينية لما اشتدَّ نهي النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صحابته عن كتابتها ولهيَّأوا السبل لحفظها وتدوينها» (٢).

وَيُحَذِّرُ صاحب " بلاغ الحق " العلماء من الجهر بالسُنَّة فيقول: «إياكم وإعلان الأحاديث على المنابر وإنْ أَبَيْتُمْ فسيدخل إلى دين الله ما ليس منه وينضاف إلى شرع الله ما لا يجوز إضافته إليه» (٣).

الرد:

أقول أما النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن كتابة السنة فإنه ثبت أنه قد أذن بكتابتها أيضًا وذكر النهي دون الإذن مخالف للأمانة العلمية وسنذكر في باب (اعتراضات منكري السُنَّة) طرق الجمع بين هذا النهي والإذن. وأنَّ الإذن ناسخ للنهي.

على أنَّ مدى حرص النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو تعليم صحابته وإفهامهم أمور دينهم باللسان والعمل، ثم إنَّ حياته العملية أكبر حافز للعض على سُنَّته والأخذ بها في جميع شؤون الحياة.

فلو لم تكن السُنَّة عند النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دينًا وشرعًا - كما يزعم هؤلاء - لما اعتنى بها هذا الاعتناء ولما سلك لإشاعتها ونشرها كل الوسائل الممكنة له آنذاك ولما أمرهم بالحفظ والتبليغ، مثل قوله: «احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ» (٤).


(١) " مقام حديث ": ص ١٠٤.
(٢) " مقام حديث ": ص ١١٠.
(٣) انظر " فرقة أهل القرآن ": ص ١٠١. وقد ذكر هذه الشُبْهَة بالتفصيل.
(٤) الحديث رواه البخاري: ١/ ٣٠.

<<  <   >  >>