للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة وحديث زيد بن ثابت فكلها متكلم في أسانيدها ولم تأت بطرق مقبولة بعتمد عليها.

وأما حديث أبي سعيد - الذي عند مسلم " فقد اختلف العلماء في رفعه ووقفه، قال الحافظ: «وَمِنْهُمْ مَنْ أَعَلَّ حَدِيث أَبِي سَعِيد وَقَالَ: الصَّوَاب وَقْفه عَلَى أَبِي سَعِيد، قَالَهُ الْبُخَارِيّ وَغَيْره» (١). وغلط بعض الرُوَاة فجعله عن أبي سعيد عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد أورد ابن عبد البر في كتاب " العلم " (٢) قريباً من معناه موقوفاً على أبي سعيد من طرق لم يذكر فيها النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وبعد التسليم أنها مرفوعة اختلفوا في توجيهها وأهمها قولان: (٣)

١ - أنَّ أحاديث النهي منسوخة بالأحاديث الأخرى التي تبيح كتابة الأحاديث ويجب ألاَّ ننسى بأنَّ هناك حديث واحد صحيح لا غير الذي ينهى عن كتابة الأحاديث علمًا بأنَّ فيه الاختلاف أيضًا - كما رأينا آنفًا - في رفعه ووقفه.

٢ - أنَّ النهي كان خاصًا بكتابة غير القرآن مع القرآن على ورق واحد خشية الالتباس بينهما (٤). وهذا التوجيه الثاني أوجه لإملاء النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عدد من الصحابة، ولكتابة الصحابة الأحاديث التي بلغت درجة التواتر وإليك نماذج منها:

١ - عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن العَاصِ قَالَ: «كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ


(١) " فتح الباري ": ١/ ١٨٥.
(٢) " جامع بيان العلم وفضله ": ١/ ٦٤ [انظر " الأنوار الكاشفة " للشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني: ص ٣٥].
(٣) ذكر السباعي عدة أوجه للتوفيق. انظر " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص ٦١.
(٤) " تأويل مختلف الحديث " لابن قتيبة " ص ٢٨٦ و " دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه " للأعظمي: ص ٧٨، ٧٩.

<<  <   >  >>