للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولله دَرُّ الشاعر القائل:

يَعْتَرِضُ العَقْلُ عَلَى خَاِلٍق * ... * ... * مِنْ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ العَقْلُ (*).

وإنما يستشكل هذا الحديث من لم يتذوق لغة العرب وأساليبهم في البيان والحديث سيق مساق التمثيل بجعل الجنة والنار بمنزلة شخصين عاقلين يتحاوران ويتجادلان ثم يفصل بينهما الحكم العدل بما فيه فصل الخطاب، وفي لغة العرب كثير من ذلك.

قال الشاعر:

شَكَا إِلَيَّ [جَمَلِي] (**) طُولَ السُّرَى * ... * ... * صَبْرًا جَمِيلاً فَكِلاَنَا مُبْتَلَى

ولا شكوى ولا كلام، وإنما [مجاز] وتمثيل (١).

ثم لنفض أَنَّ تحكيم العقل في الأحاديث هو الصواب، فنحن نسأل: أي عقل تريدون أَنْ تُحَكِّمُوهُ؟

أعقل الفلاسفة؟ إنهم مختلفون، وما من متأخر منهم إِلاَّ وهو ينقض قول من سبقه.

أعقل الأدباء؟ إنه ليس من شأنهم، فإنَّ عنايتهم [- عفا الله عنهم -] بالنوادر والحكايات.

أعقل علماء الطب، أو الهندسة، أو الرياضيات؟ ما لهم ولهذا؟

أعقل المُحَدِّثِين؟ إنه لم يعجبكم، بل إنكم تتهمونهم بالغباوة والبساطة.

[أعقل الفقهاء؟؟ إنهم مذاهب متعددة، وعقليتهم - في رأيكم - كعقلية المُحَدِّثِين].

أعقل الملحدين؟ إنهم يريدون أَنَّ إيمانكم بوجود الله، جهل منكم وخرافة ...

أعقل أهل السُنَّة والجماعة؟ هذا لا يُرْضِي الشِيعَةَ، ولا المعتزلة.

[أم عقل الشِيعَة؟ هذا لا يرضي أهلَ السُنَّةَ، ولا الخوارج].

أم عقل المعتزلة؟ إنه لا يرضى جمهور طوائف المسلمين!.

[سيقول أَبُو رِيَّةَ]: «إنني أرتضي عقل المعتزلة، لأنهم أصحاب العقول الصريحة» (٢).

إنه ليست القضية قضية عقل. إنه الإلحاد والزيغ والضلال، فلا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم.


(*) [هو الشاعر أحمد الصافي النجفي، انظر " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للدكتور مصطفى السباعي: ص ٣٩].
(**) [هي جَمَلِي وليس جَمِيلِي كما ورد في الكتاب المطبوع، انظر " دفاع عن السُنَّة " لمحمد أبو شهبة: ص ٥٢.]
(١) " دفاع عن السُنَّة لأبي شهبة ": ص ١٩٦.
(٢) انظر " السُنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي " للدكتور مصطفى السباعي: ص ٣٩. [ما أثبته بين [] حسب ما ورد في كتاب السباعي].

<<  <   >  >>