للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في " التوراة " فالكل من عند الله ووحيه، و " القرآن " والسُنَّة الصحيحة هما المهيمنان والشاهدان على الكتب السابقة ولم يدخله تحريف ولا تبديل. قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (١).

وقد تأول المتأولون الحديث على وجوه كثيرة أظهرها:

١ - إنَّ هذا الخبر خرج على سبب وذلك أَنَّ النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ برجل يضرب عبده في وجهه لَطْمًا ويقول: «قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ»، فَقَالَ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ فَلْيَتَّقِ الوَجْهَ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ ... ».

وإنما قال - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك لأنه سمعه يقول: «قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ، وَوَجْهَ مَنْ أَشْبَهَ وَجْهَكَ». وذلك سَبٌّ للأنبياء والمرسلين والمؤمنين إذ خلق وجه الإنسان على صورة آدم، وآدم نبي من الأنبياء، وهذا معنى سَبِّ الأنبياء والمرسلين.

٢ - إِنَّ الكناية في قوله: «صُورَتِهِ» ترجع إلى آدم، وذلك ينقسم إلى وجوه:

... [١]- أن يكون معناه وفائدته تعريفنا نعمة الله على أبينا آدم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أَنَّ فضله بِأَنْ خلقه بيده وأسكنه جنته .. ثم عصاه وخالفه فلم يعاقبه على ذلك بسائر ما عاقب به المخالفين له في نحوه. فَعَرَّفَنَا - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك أَنَّ أباكم آدم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كان في الجنة على الصورة التي كان عليها في الدنيا لم يغير الله خلقته وتكون فائدة ذلك تعريفنا الفرق بينه وبين سائر من أخرجه من الجنة معه وإبانته منهم في الرتبة والدرجة.

... [٢]- إذا قلنا إنَّ الهاء يرجع إلى آدم فسبيله أَنَّ النبي - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - أفادنا


(١) [المائدة: ٤٨].

<<  <   >  >>