للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو المُبَيِّنُ عن الله والكتاب الناطق، والرحمة المهداة والنعمة المسداة.

ومن هنا يظهر جلياً، أنه لا يمكن فهم كتاب الله تعالى على وجهه، والعمل به على مراد الله تعالى، إلاَّ ببيان رسوله النيّر وأسوته الحسنة، وبيانه النيّر وأسوته الحسنة هما السُنَّة. فمن رام الهداية من غيرهما، أو من كتاب الله وحده، فقد رام المُحال.

ولما كانت للسُنَّة هذه المنزلة، وكان كتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا مطمع في تغييره بالتصحيف والتحريف، أو الزيادة والنقص، قام أعداء الإسلام بالتشكيك في السُنَّة وحُجِيَّتها وزعزعة الثقة بها، وأثاروا الشُبُهَات المختلفة حولها، حتى - لا قَدَّرَ اللهُ - إذا تم لهم ذلك، إنهار صرح الإسلام من أساسه، وبعد تقويض بنيانه، ما أسهل نقل المسلمين إلى أي نحلة من النحل الباطلة.

وإذا كان مُنكرو السُنَّة قديماً قد انقرضوا وصاروا في ذمة التاريخ، فإنَّ المستشرقين وتلامذتهم من المستسلمين قد حَلُّوا محلهم وقاموا بالهجوم على الإسلام، أنهم كشفوا عن سرائرهم، فليس يرضيهم شيء إلاَّ أن يفضوا أهله من حوله، وأنْ يملأوا الدنيا أراجيف بأن الإسلام دعوة باطلة، ورسالة زائفة، وأنه لا يجوز لها البقاء أكثر مِمَّا بقيت .. ألا ساء ما يصفون.

وقد تتابعت جهود المستشرقين وتلامذتهم لإشاعة هذا الإفك، وكثرت مؤلفاتهم التي تغمز الإسلام، وتنال من نبيه ورسالته، وتشريعاته، وبعض هذه المؤلفات قد تبدو عليها - في الظاهر - مسحة البحث العلمي المزعوم، وقد يكون صاحبه قد طالع -بالفعل - عدداً ضخماً من المؤلفات الإسلامية القديمة والحديثة، ومن ثم يعرض أفكاره السامة في ألبسة من الاستنتاج الهادئ، وبين يدي نقول محرفة عن مواضعها.

<<  <   >  >>