للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعوب في الإسلام كان له أثر كبير في الوضع الذي بلغ في الكثرة بعد أنْ اختار الإمام البخاري " صحيحه " من ستمائة ألف حديث كانت شائعة في عصره. ثم ذكر أهم الأمور التي حملت على الوضع وذكر منها تغالي الناس في أغراضهم عن العلم إلاَّ ما اتصل بالكتاب والسُنَّة اتصالاً وثيقًا، وانتهى من ذلك إلى بيان جهود العلماء في مكافحة الوضع وذكر ما يؤخذ عليهم من أنهم لم يعنوا بنقد المتن عُشْرَ ما عنوا بنقد السند ثم تكلموا عن أبي هريرة فقال: إنه لم يكن يكتب بل كان يُحَدِّثُ من ذاكرته وأنَّ بعض الصحابة شَكُّوا في حديثه وبالغوا في نقده ثم ختم هذا الفصل بالأدوار التي مَرَّ بها تدوين السُنَّة حتى عصر البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الكتب الستة. هذا خلاصة ما كتبه الأستاذ عن السُنَّة.

وتعرَّضت لبعض آرائه بالنقد في أماكن مختلفة من بحثي هذا وأضيف على البعض ما يلي:

يقول الأستاذ متكلمًا عن نشأة الوضع: «ويظهر أنَّ الوضع حدث في عهد الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحديث " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " (١) يغلب على الظن أنه إنما قيل لحادثة زَوَّرَ فيها على الرسول (٢) - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -».

وهذا الذي زعمه الأستاذ لا سند له في التاريخ الثابت ولا في سبب الحديث المذكور. أما التاريخ فلم يحدثنا أنَّ أحدًا في حياة الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن أسلم وصحبه زَوَّرَ عليه كلامًا ورواه على أنه حديثه - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ولو وقع مثل هذا لتوفر الصحابة على نقله لشناعته وفظاعته، كيف وقد كان حرصهم شديدًا على أنْ ينقلوا لنا كل ما يتصل به - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى ما يتعلق بحياته العادية.


(١) سيأتي تخريجه في ص ١٦٩.
(٢) " فجر الإسلام ": ص ٢٥٨.

<<  <   >  >>