للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يصح منها شيء كان كل ما رُوِيَ فيها مشكوكًا بصحته إِنْ لم يحكم عليه بالوضع هذا نتيجة منطقية لظاهر كلام الأستاذ.

أما أحاديث التفسير فلا يخفى على كل من طالع كتب السُنَّةِ أنها أثبتت شيئًا كثيرًا منها بطرق صحيحة لا غبار عليها وما من كتاب في السُنَّةِ إلاَّ وقد أفرد فيه مؤلفه بَابًا خَاصًّا لما ورد في التفسير عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو الصحابة أو التابعين.

وأما ما نقله الأستاذ عن الإمام أحمد في أحاديث التفسير فهو يشير إلى ما رُوِيَ من قوله: «ثَلاَثَةُ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ: التَفْسِيرُ، وَالمَلاَحِمُ وَالمَغَازِي» والكلام عن هذه العبارة من وجوه.

أولاً: إنَّ في النفس من صحتها شيئًا لأنَّ الإمام أحمد نفسه قد ذكر في " مسنده " أحاديث كثيرة في التفسير، فكيف يعقل أنْ يُخْرِجَ هذه الأحاديث ويثبتها عن شيوخه في " مسنده " ثم يحكم بأنه لم يَصِحَّ في التفسير شيء.

ثانيًا: إِنَّ نفي الصِحَّة لا يستلزم الوضع أو الضعف، وقد عرف عن الإمام أحمد خاصة في نفي الصحة عن أحاديث وهي مقبولة. وقالوا في تأويل ذلك أَنَّ هذا الاصطلاح خاص به (١).

ثالثًا: الإمام لم يقل: إنه لم يصح في التفسير شيء وإنما قال: «ثَلاَثَةُ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ ... »، والظاهر أَنَّ مراده نفي كتب خاصة بهذه العلوم الثلاثة بدليل ما جاء في الرواية الثانية مُصَرِّحًا به «ثَلاَثَةُ كُتُبٍ» وهذ المعنى هو ما فهمه الخطيب البغدادي حيث قال: «إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كُتُبٍ مَخْصُوصَةٍ فِي هَذِهِ المَعَانِي الثَلاَثَةِ ... » (٢).


(١) انظر " الرفع والتكميل في الجرح والتعديل " للكهنوي، بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة: ص ٨٦.
(٢) اقتباس من " السُنَّة ومكانتها ": ص ٢٤٣، ٢٤٤ وانظر ما بعدها.

<<  <   >  >>