للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من هذه التفرقة وما الدليل عليها وما الدليل على عدم جعل الأحاديث الآحاد تشريعًا، إنه يدعو إلى الفوضى في العقيدة والشريعة وإلى المخالفة الصريحة لكتاب الله - عَزَّ وَجَلَّ -.

وَيَدَّعِي أَنَّ الذين عنوا بالتشريع من أئمة الإسلام لم يكونوا أهلاً لتمحيص السُنَّة وبيان صحيحها وسقيمها وأنَّ الأدباء وعلماء الكلام من المعتزلة هم أهل لذلك.

يقول بعد التعريف بكتابه وذكر عُلُوِّ قدر الحديث النبوي: «وعلى أنه بهذه المكانة الجليلة والمنزلة الرفيعة فإنَّ العلماء والأدباء لم يولوه ما يستحق من العناية والدرس وتركوا أمره لمن يُسَمُّون رجال الحديث يتناولونه فيما بينهم ويدرسونه على طريقتهم ... » (١). يريد أنَّ أئمة الإسلام وفقهائه كالبخاري ومسلم والنسائي وغيرهم لم يكونوا أهلاً لتمحيص السُنَّة لأنهم لم يكونوا يخوضون في غوامض العقول فهم ليسوا عنده بعلماء وإنّض الأدباء وعلماء الكلام من المعتزلة هم أهل ذلك.

إنه يحاول الازدراء بالمحدثين ورميهم بالجمود لِيُقَلِّلَ من شأنهم ويتجاهل أَنَّ ما وضعه المحدثون من قواعد لنقد الراوي والمروي هي أدق وأرقى ما وصل إليه علم النقد في الحديث والقديم.

«إنَّ علماء الأدب وأضرابهم مِمَّنْ ليسوا من رجال الحديث وصيارفته أكرم على أنفسهم مِنْ أَنْ يقفوا ما ليس لهم به علم، وأنْ يَزُجُّوا بأنفسهم في علوم ومعارف ليسوا أهلاً لها» (٢).

والحقيقة أَنَّ من أمعن النظر في كتابه هذا يدرك أَنَّ الرجل غير موثوق فيما ينقل فكثيرًا ما يزيد في النص الذي ينقله كلمة أو ينقص كلمة لينسجم


(١) " أضواء على السُنَّة المحمدية " لمحمود أبو رِيَّة: ص ٤.
(٢) " دفاع عن السُنَّة " للدكتور أبي شُهبة: ص ٤٦.

<<  <   >  >>