للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيام الدهر جميعاً، فإذا أفلتت فرصته من أيدينا، أفلتت عزة الحياة وكرامة العيش من أيدي الهيلانيين جميعاً؛ ولن يقال في سبب ذلك إلا أن أخيل العظيم قد تقاعس بجنوده عن نصرة الوطن، وفي سبيل إشباع شهوة الخصومة قامر بالوطن، وأبناء الوطن، ومستقبل الوطن!. .)

(إيه يا فتى هيلاس، وحامي ذمارها إذا اشتد بها الكرب!)

(مالك تصمت هكذا كأنك تسمع إلى ألف قرن تناديك، وتضع ثقتها فيك؟!)

(أنا زعيم لك يا فتى هيلاس، أن هذه الجحافل الطروادية سترتد على أعقابها فتكون للهيلانيين الكرّة عليهم إذا رأوْا خوذتك التي تكسف بلألإها شمس الضحى، وشاهدوا هذه الشعرات البيض التي تزين ذؤابتها!)

(أخيل!)

رد على أعز الناس عليك، فالظرف أحرج من المطل، وأقصر من هذا الصمت! والساعة مفزعة مروعة، وإخواننا في الوطن والآلهة يصرخون ويموتون!

(أخيل!)

إن كان يعز عليك أن تحنث في عزمتك التي عزمت، فأذن لي أن ألبس خوذتك، وأمتشق سيفك، وأحل في دروعك السوابغ، ثم أسوق الميرميدون باسمك، فأرد عادية القوم، وأجير إخواننا الهيلانيين!. . . . . . . . .

وكان بتروكلوس يكلم أخيل وكأنما وحي السماء يتنزّل على قلب البطل، بلاغة وحرارةً وقوةً إيمان وثبات يقين، ونفساً تجيش بالحب وأقدس المنى لوطنٍ مصابٍ في أبطاله، منقوصٍ في عزائم بنيه، يتلفَّت من خلف البحار، يرى ماذا يصنع أخيل في هذا الروع، وجنوده الميرميدون!!

وهب أخيل من جلسته الخاملة، وأخذ يدَيْ بتروكلوس في كلتا يديه، وطبع على جبينه المرتجف قبلةً مهر بها صك التضحية في سبيل الوطن الشقي، وقال لصديقه:

(بتروكلوس! أخي! يا أعز جنودي عَليّ!

(أما أن أذهب أنا فأرد هذه الذئاب، فلا! ولكني آذن لك بكل ما أردت من قوة وعتاد، ما دمت تؤثر صالح الوطن، وتحرص على حقن دماء الهيلانيين)

<<  <  ج:
ص:  >  >>