للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في المنازل تضبط كل قبيلة أشرافها وقادتها، ويدخل بعضهم في بعض للبيع والشراء، ويجتمعون في بطن السوق، فإذا مضت العشرون انصرفوا إلى مجنة فأقاموا بها عشرا، أسواقهم قائمة، فإذا رأوا هلال ذي الحجة انصرفوا إلى ذي المجاز ثم إلى عرفة؛ وكانت قريش وغيرها من العرب تقول لا تحضروا سوق عكاظ والمجنة وذا المجاز الا محرمين بالحج، وكانوا يعظمون أن يأتوا شيئا من المحارم أو يعدو بعضهم على بعض في الأشهر الحرم وفي الحرم.)

وظيفته: كانت سوق عكاظ تقوم بوظائف شتى فهي (أول كل شيء) متجر تعرض فيه السلع على اختلاف أنواعها، يعرض فيه الأدم والحرير والوكاء والحذاء والبرود من العصب والوشى والمسير والعدة ويباع به الرقيق ويعرض فيه كل سلعة عزيزة وغير عزيزة، فما يهديه الملوك يباع بسوق عكاظ ويتقاتل ابن الخمس مع الحارث بن ظالم فيقتله ابن الخمس ويأخذ سيف الحارث يعرضه للبيع في عكاظ، وعبلة بنت عبيد بن خالد يبعثها زوجها بأنحاء سمن تبيعها له بعكاظ.

ونسبوا إلى عكاظ فقالوا: أديم عكاظي أي مما يباع في عكاظ. ولم تكن العروض التي تعرض في سوق عكاظ قاصرة على منتجات جزيرة العرب، فالنعمان يبعث إلى سوق عكاظ بمتجر من حاصلات الحيرة وفارس لتباع بها ويشتري بثمنها حاصلات أخرى، بل كان يباع في عكاظ سلع من مصر والشام والعراق، فيروي المرزوقي أنه قبل المبعث بخمس سنين حضر السوق من نزار واليمن ما لم يروا أنه حضر مثله في سائر السنين، فباع الناس ما كان معهم من إبل وبقر ونقد وابتاعوا أمتعة مصر والشام والعراق. وكانت السوق تقوم بأعمال مختلفة اجتماعية، فمن كانت له خصومة عظيمة انتظر موسم عكاظ (كانوا إذا غدر الرجل أو جنى جناية عظيمة انطلق أحدهم حتى يرفع له راية غدر بعكاظ فيقوم رجل فيخطب بذلك الغدر فيقول: ألا أن فلان ابن فلان غدر فاعرفوا وجهه، ولا تصاهروه ولا تجالسوه ولا تسمعوا منه قولا، فان اعتب وإلا جعل له مثل مثاله في رمح فنصب بعكاظ فلعن ورجم.) وهو قول الشماخ:

ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مقام الذئب كالرجل اللعين

ومن كان له دين على آخر أنظره إلى عكاظ، ومن كان له حاجة أستصرخ القبائل بعكاظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>