للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والغلمان من سبي فرنجة وجليقية. والخدم الصقالبة وجميع من على وجه الأرض من الصقالبة الخصيان من جلب الأندلس، لأنهم بها يخصون، ويفعل ذلك بهم تجار اليهود عند قرب البلد؛ وجميع ما يسبى إلى خراسان من الصقالبة فباقي على حالته، ومقر على صورته. وذلك أن بلد الصقالبة طويل فسيح، والخليج الآخذ من بحر الروم ممتد على القسطنطينية واطرابذنده يشق بلدهم بالعرض، فنصف بلدهم بالطول يسبيه الخراسانيون ويصلون، والنصف الشمالي يسبيه الأندلسيون من جهة جليقية وأفرنجة وانكبرده وقلورية، وبهذه الديار من سبيهم الكثير الباقي على حاله)، ومعنى ذلك أن الصقالبة الأندلسين كانوا مزيجا من الجليقيين (النصارى الأسبان) والألمان والفرنسيين (أهل افرنجة) واللومبارديين (أهل انكبردة) والايطاليين من (قلورية) وكذلك الروس وهم أهل القسم الأول من بلاد الصقالبة. وكان معظم هؤلاء الصقالبة يؤتى بهم أطفالا من الجنسين بواسطة خوارج البحر (القرصان) وتجار الرقيق، وتحملهم سفن القرصان أو سفن البنادقة إلى مختلف ثغور البحر الأبيض؛ وكانت الكنيسة تقاوم هذه التجارة المثيرة وتحرمها؛ بيد أنها كانت تجري في روما عاصمة النصرانية ذاتها؛ وفي معظم الثغور الإيطالية. وكانت الحرب مصدرا آخر لجلب هؤلاء الصقالبة، ففي كثير من الغزوات الإسلامية المنظمة لأمم النصرانية؛ وفي الحملات والغزوات البحرية الناهبة كان المسلمون يغنمون كثيرا من السبي والأسرى صغارا وكبارا، ومنهم الصقالبة الذين يخدمون جندا مرتزقة في معظم الجيوش النصرانية؛ هذا عدا الرقيق والأسرى من مختلف الجنسيات والأمم يتدفقون على الثغور والعواصم الإسلامية عقب كل فتح أو غزوة ناجحة وكان الصقالبة يختارون في الغالب أطفالا من الجنسين، ويربون منذ الحداثة تربية عربية حسنة، ويلقنون مبادئ الإسلام؛ وقد بلغ بعضهم في النثر والنظم وصنفوا الكتب والقصائد، وبلغوا في عهد الناصر قسطا وافرا من السلطان والنفوذ، واحتلوا الوظائف الكبرى في القصر وفي الإدارة والجيش، وأحرزوا الضياع والأموال الوفيرة؛ وفاق عددهم في عهد الناصر أي عهد آخر حتى قدر بعض المؤرخين عددهم يومئذ في القصر والبطانة بثلاثة عشر ألفا وسبعمائة وخمسين، وبلغوا في رواية أخرى ستة آلاف وثمانين، وفي رواية ثالثة ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسين؛ وعلى أي حال فقد كان منهم الحرس الخلافي، ورجال الخاص والحشم، وكان الناصر يمد لهم في السلطان والنفوذ

<<  <  ج:
ص:  >  >>