للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيوعيين فيتعقبه فيعلم مقرها. ولهذا كان من الحكمة أن ينسى المكان إذا استيقظ. . . فقد يزل مرة فيخبر به أو يغلبه الشوق مرة على عقله. . . فيذهب إليه فعسى أن يراه من ينم بذلك فتفتضح الحبيبة وتؤخذ منه، قال: وإن القيصرة هي تحتاط أيضا مثل ذلك فتراسله كل يومباللاسلكي رسائل تقع من الجو في دماغه فيقرؤها وحده. وإن أخوف ما يخافه أنيغلبها جنون الحب يوما فتطيش طيش المرأة فتزوره في هذا المارستان. . . فقد تقتل إذا رآها الشيوعيون.

قال الدكتور: وهناك (نابغة) آخر ثبت في ذهنه أن امرأة من أجمل النساء قد استهامت به وأنها مبتلاة في حبها إياه بجنون الغيرة، وقد تناهت فيه حتى إنها لتقتل نفسها إذا علمت أن لصاحبها هوى في امرأة أخرى. وخبلته هذه الفكرة فاعتقد أنحبيبته من جنون غيرتها واقعة بين السلامة والتلف؛ ثم توهم ذات يوم أن واشيا قد أعلمها أن النساء افتتن به؛ فطار صوابها فهي آتية إليه في المارستان لتوبخه وتشفى غيظها منه ثم تنتحر إمام عينيه. وأدار (النابغة) الفكر في إقناعها لتعلم أنه لم يخنها بالغيب. . . فلم يهتد إلى مقنع تستيقن به المرأة أن لا أرب للنساء فيه إلا أن. . . ففعل وجب خصيتيه بيده ليقدمهما برهانا أنه لها وحدها. . .

قلنا: وطرب نابغة القرنالعشرين، لذكر صواحبه وجميلاته فجعل يترنم بهذا الشعر:

قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... ما لذة العيش إلا للمجانين

فقال المجنون الآخر: (مما حفظناه): ما لذة (الخبر) إلا للمجانين. . .

فضحك (النابغة) وقال: ما أسخفك من أحمق. إذا كان هذا هو المعنى فقل ما لذة (الكعك). ألم أقل لكم إن هذا الأبله لو تهجأ كلمة خبز لقال إنها ل. ح. م. ولو تهجأ كلمة لحم لقال ف. و. ل. . .

إنه طفل عمره ثلاثون سنة وفيه دائما غضب الطفل ونزقه وحماقته، وفيه كذلك سرور الطفل وطيشه وأحلامه؛ غير أنه ليس فيه عقل الطفل. وهو من الضعفوشدة الحادة إلى العناية في حياطته وسياسته والبر به كطفل صغير - بحيث يخيل إلى أحيانا أنني أمه. . .

قلنا: وتنسى في هذه الحالة أنك رجل؟

قال: وأنتم كذلك تهمونني بالنسيان وهو شرعا جهة ملزمة للحكم بالجنون. فما النسيان إلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>