للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحريتنا المسلوبة واستقلالنا المفقود، فإنما يجب أن نتجشم تكاليف ما نطالب به ونضحي لنيله القليل والكثير، ونتحمل ما نلاقي في سبيله من ألوان المكاره وضروب المشاق، ونصبر على صنوف العقبات حتى يلين صلبها ويسهل صعبها، فأنه لا تنال المطالب إلا مكافحة ومغالبة، لأن الحياة معركة، فما لم يدرك فيها بالملاينة والمحاسنة، أدرك بالعنف والمخاشنة. . .!!

إن رجال هذه الأمة جميعاً ثلاثة: رجل لا علم له بما عليه من الواجبات نحو وطنه فلا يعنيه شأنه، ولا يهمه أمره، ولا يعبأ به ولا يحفله، فهو جاهل؛ ورجلٌ أخذ من الدين بقشوره، وشرب من مورده العذب مصة خفيفة ظنها غاية ما يرتوي به المرتوون، فقضى أوقاته في البحث في المحيرة والحيض والنفاس، ونصب نفسه لعداوة كل جديد وإنكار كل ما يألف، فهو جامد؛ ورجلٌ يجري وراء منافعه الشخصية أينما رآها وتخيلها، يراها في جانب مصلحة عامة فيظهر في زي المصلح الداعي إلى هذه المصلحة ويملأ الجو نداء للتعاون عليها، حتى إذا تراءت له منفعة خاصة لا يصل إليها إلا أن يقضي على ما ينفع الناس والوطن داسه بكلتا قدميه، وذهب إلى منفعته تواً لا يلوي على شيء، فهو خبٌ منافق

فإذا أزيل عن الأول جهله، وأزيح عن الثاني جموده، وشنًّع على الثالث خبَّه ونفاقه، وعمل على بث خلق التضحية فيهم وتقويته عندهم، مع تبصيرهم بمقتضيات الأحوال كما يقول البديعيون - إذا فعل هذا عظمت الفائدة، وتوفرت العائدة على الوطن، وسارت الأمة مسرعة إلى مطمحها

(حمص)

محمد روحي فيصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>