للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اندفاعات]

للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

يعيش القريعُ الحُّر في البلد الحِّر ... فبالخير يجزى الخيرَ والشرَّ بالشرِّ

ويزري بعادات يراها مضرّة ... وأمّا بما فيه انتفاعٌ فلا يزري

وأَكْثِرْ بمغُترّ بما كان ظاهراً ... وأَقْلِلْ بمن قد كان ليس بمغتر

بمجتَمعٍ حّريةُ الفكر عنده ... وما عنده حُريةُ القول والجهر

ولم يك أسراً منع حُرّية الورى ... ولكنه شرٌّ عليهم من الأسر

وما خيرُ أرض هان فيها ذوو الحجا ... وذو الأفْن موصول الكرامة والقدر

تحّملتُ أعباَء ثقيلة ... فكانت كأخت الموت قاصمة الظهر

يعادونني من أجل تركي لمدحهم ... ومَن كان حُراً عاش للأدب الحُر

ومالي وثوق في العراق بصاحب ... مع المدّ يأتيني ويمضي مع الجَزْر

لقد نسبوا لي الوزرَ فيما أقوله ... وهل مُثقِلٌ غيري إذا صدقوا وزري

وللكفر والإيمان تجمع لحمةٌ ... وقد شرب الإيمان من منبع الكفر

ولو كنتُ أدري ما ألاقي من الأذى ... أخذت من الأيام قبل الأذى حِذري

أعاتب أيامي على ما أصابني ... وما في يد الأيام شيءُ من الأمر

ولست إذا لاقيتُ مكراً بنا كصٍ ... ولكنني أستقبل المكرَ بالمكر

إذا رمتَ أن تلقى من الناس حرمةً ... فكن سيداً للخير أو سيد الشر

وإن الفتى الخّوار في حومة الوغى ... إذا لم يمت بالسيف مات من الذعر

وليس يردّ العسكرَ المجرَ غازياً ... لمملكة مُثلى سوى العسكر المجر

وما أنس لا أنس الشبابَ فأنه ... على ما به من خفة غرّةُ العمر

صبوتُ إلى غُرّ الوجوه مُتيماً ... ومَن كان لا يصبو إلى الأوجه الغُرّ؟

وإني ليعروني اضطرابٌ لذكرهم ... كما اضطراب العصفور في مخلب الصقر

وإني كسارٍ ضلّ ليلاً طريقه ... بمذأبة خرقاء أو مهمةٍ قفر

ذكرتُ شباباً كان لي في زمانه ... سوابق آثام فأخجلني ذكرى

أثمتُ وبالطيش اعتذرتُ مُبرّراً ... وأكبرُ من إثمي الذي جئتهُ عذري

<<  <  ج:
ص:  >  >>