للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التركية.

أمامي الآن (تاريخ الأدب النسوي في فرنسا) لجان لارتكان، قرأته مرتين فما بلغت حظ النفس في تلاوته، لما ضم من الفوائد الأثيرة، وليت العاملين والعاملات لإنهاض الشرق القريب يتدبرون بعض ما فيه. وطبقات البشر تكاد تكون واحدة إذا تساوى أهلها في شروط العيش والبيئة والثقافة. وإن ما يحاوله المقدمون علينا في سلم الحضارة والنشوء الإنساني حري بالمتأخرين عنهم في معظم مقومات الحياة أن يحتذوا مثاله، ويتأدبوا بأدبه، ويأخذوا من مضامينه عبرة وعظة. والمدنية مذ كانت ينقل فيها المتأخر أهخرأخر بتيسبيستبمنيستب بيسنبمتيسمنبتيسبمنيستبنسيتأخر عن المتقدم، ولا ضير في ذلك ولا غضاضة.

قلت يوماً لأحد علماء الترك المنورين: أما بلغك أن دمشق ستنار بعد قليل بالكهرباء، وتسير فيها الحوافل الكهربائية؟ فضحك وأجاب: إن حالكم بهذه الزينة الجديدة تقام بأيدي الغرباء، أشبه بإمبراطور كوريا لبس على رأسه تاجاً من ذهب، ولا سراويلات له تستر عورته. وكان الأولى يا صاح أن تكون للبلدة طرق معبدة، وترزق حظاً من التنظيم قبل الكهرباء. وأنا أقرر الآن أنه كان الأولى قبل أن تمنح المرأة الشرقية حق التشريع في مجالس النواب أن تتعلم وتتربى، حتى إذا استوفت حظها على النحو الذي وصلت إليه المرأة الغربية، ومتى تعلمت القروية كالبلدية كل ما يلزمها في صراع الحياة تتمتع بالحقوق السياسية كالمرأة الإنجليزية.

جملة معترضة ساقت إليها المناسبة. والآن نرجع إلى تحليل الكتاب الجديد فنقول: عالج المؤلف هذا الموضوع أعواماً طويلة في الصحف والمجلات وفي إسناد له ورسائل، وكتابه هذا زبدة تجاربه وعصارة علمه وعمله. بدأه بفصل في تاريخ المرأة في القديم. فقال إن الرجل بينما كان في العصور الخوالي صياداً محارباً عرافاً يسير في العالم على هواه، ويطفر طفراته في سبيل المعرفة كانت المرأة قابعة في دارها، خاضعة خانعة لا يتسع نظرها لأكثر من أعمال بيتها، وتلقين بنيها التربية الأولى. وكان النساء في يونان القديمة لا معرفة لهن بغير غزل الصوف يتعمدن القناعة لا يسألن أزواجهن غير هذا. ولذلك قال أفلاطون: إن القرد قرد مهما كان، والمرأة مهما كان عملها تظل امرأة أي غبية مجنونة. يريد الهزؤ بها، وقد بقى هذا الهزؤ بالنساء قروناً في الأرض حتى كانت النصرانية، ورأى

<<  <  ج:
ص:  >  >>