للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

دي سيفنيه، ولا كتب لامرأة أن دانتها في هذا الباب. كانت تعشق المجد؛ ولا نعلم لو رأت من زوجها عطفاً - وكان زير نساء فسيقاً - هل كانت تبرز هذا التبريز؟ ومع هذا كانت تهوى من ترى ذات اليمين وذات الشمال، على مثال أعظم كبريات السيدات في عصرها. وهكذا يقال فيمن أحرز شهرة مثلها، وإن كن أقل منها مكانة. كانت دي سيفنيه أما عاشقة مولهة، وكاتبة متفردة بهذرها، وهذرها عبارة عن شعور قوي فيها تحاول بثه ولا تحتاج في ذلك إلى تأمل كثير. ورسائلها ملأى بالجذل والسرور والتنويع والبديهة، وهي مرآة عصر القرن العظيم. والنساء في هذا الجنس من الكتابة يبرزن ويتفوقن.

أما مدام لافاييت فالناس على أنه كان لها مؤازرون من الرجال يصقلون ما تنسخ قريحتها، أو يضعون لها الخطط التي تسير عليها. وأصبح من المألوف أن يكتب الرجال ما ينشر من الآثار باسم النساء؛ وكان موليير وبوالو يهزأن بالنساء الكاتبات المؤلفات، ولطالما سلقاهن بألسنة حداد. وكان جمهور النساء في ذاك العصر على غاية الجهل، ما خلا بعض العلية والطبقات المختارة؛ ويختلف عدد الأميات بين سبعين وأربعة وتسعين في المائة بحسب الأقاليم، ومنهن من لا يحسن توقيع أسمائهن؛ وأخذ بعضهن يحضرون بعض دروس الرجال ويتعلمن شيئاً من الرياضيات، وظل أناس من أرباب المكانة ينعون على النساء ذكاءهن ويمنعونهن من كل ثقافة. ورأى جمهور من الكاتبين أنه لا يليق الهزؤ بالنساء إلى هذا الحد، وأنشئوا يعتبرونهن ويودون من الناس إجلالهن، يقدمون النساء على الرجال في الموائد والحفلات؛ وإذا أحرز النساء هذا المقام الاجتماعي في القرن الثامن عشر: فذلك بفضل ظهورهن في الأندية الخاصة؛ وكان البلاط الملكي في مقدمة هذا المجالس، وكانت كل امرأة تحررت في الولايات أو العاصمة من بعض القيود تقيم لها ردهة استقبال، يكون فيها دار ندوة للسياسة ومثابة للأدب. وكثرت هذه الأندية حتى حار الكتاب في أيها يختارون. ومنها قاعات بعض نساء أعضاء المجامع العلمية. وعلى هذا أصبح النساء يقدن بأيديهن المملكتين ويحكمن المجتمع، يملين عليه قواعد الحشمة، ويأخذن بزمام الآداب، ويحكن الأحابيل لا ليجعلن من يحمونهن من الرجال في جملة أعضاء المجمع العلمي، حيث كانت لهن الكلمة المسموعة، بل ليسمح لهن بنشر آراء شديدة اللهجة. ولم يكتفين بهذا، بل كن يطمحن إلى المجد الأدبي فينشرن في الصحف والمجلات، ويقرأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>