للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأولمبية وعيناها تفيضان بالدمع، وقلبها يخفق ويضطرب، ونفسها تذوب على شبابه الغض حسرات. . .

وهش أخيل لأمه، وتقبل رسالة الإله الأكبر قبولاً حسناً، فنهضت ذيتيس وعادت أدراجها، بعد إذ طبعت على جبين ولدها قبلة خاطفة، كانت. . . وا أسفاه. . . آخر وداع منها له في الحياة. . .

وانطلقت إبريس إلى بريام الملك، فوجدته ما يفتأ يبكي هكتور، ومن حوله أبناؤه التسعة، خضراً كأفراخ القطا، نضرا كأكمام الزهر، والرجل مع ذاك يقلب فيهم عينين تفيضان حسرة، ووجهاً يتشح باليأس والهم. . . وإلى جانبه جلست هكيوبا المرزّأة تئن وتتفجع، وترسل من أعماقها زفرات الهم والأسى. . .

وبلغته إيريس رسالة ربه، وعادت أدراجها إلى الأولمب؛ وما كاد الملك يخبر زوجه بما أوحى إليه من ربه، حتى اضطربت هكيوبا وأعولت، وطفقت تضرب صدرها لتهدم بيديها الوانيتين لما اعتزم زوجها من تنفيذ ما أشارت به السماء، والذهاب إلى أخيل يرجوه أن يهب له جثمان هكتور، خشية أن يأسره زعيم الميرميدون ويستبقيه عنده رهينة حتى يسلم الطرواديون. . .!

ولكن الرجل كان مؤمناً حتى لا يتسرب إلى قلبه الشك بما رسمت له الآلهة، أو يساوره ريب في أي مما تشير به أربابه؛ فزجر الملكة، ونهض إلى خزائنه العامرة بالتحف فتخير أثنى عشر قرطقا من أغلى ما نسجت مصر، ومثلها من المعاطف المصنوعة من القاقم والسنجاب، وعدداً كبيراً من الوسائد الرائعة والطنافس ذات التصاوير؛ ثم أمر بعشر؟؟؟ فأحضرت من بيت المال، وبدستين كبيرين من الذهب، ذوى قوائم من الفضة، وأيد من الجوهر؛ وبأربعة قدور مهداة من ملوك الشرق، أحدها يزن بما يملأ خزائن بن بليوس ذهباً. . . وبكأس من الإبريز الخالص بها من النقوش والصنعة ما يعجز عن مثله عباقرة الجن. . .

أمر بريام بكل أولئك فوضعت في صناديق كانت هي الأخرى تحفاً من صناعات مصر والشام والهند. . . تهيم فوقها تصاوير فارس. . .

وصاح بأبنائه التسعة فهرعوا من كل مكان. . باريس المشئوم وهيلانوس واجاثون؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>