للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فصول ملخصة في الفلسفة الألمانية]

٢٧ - تطور الحركة الفلسفية في ألمانيا

الناحية الإيجابية من مذهب نيتشه

السوبرمان أو الإنسان الأعلى

للأستاذ خليل هنداوي

- ١ -

إن أوربا الحاضرة قد انسل إليها الداء، ترى فيها حيث نظرت مظاهر العلة والانحطاط. فكأن نصباً بالغاً حل على الإنسان فكبّل قواه وأضوي عزمه. وهو بعد أن قطع سبيله من دودة أرضية إلى قرد، ومن قرد إلى إنسان أصبح يجنح في هذه الساعة إلى راحة بعد هذا التطور الذي شقي فيه. لا يحفل إذا كانت الراحة في الوقوف أو في الموت، وهنالك مذاهب كثيرة تتعلق بأطراف ثوبه تغريه بعوامل جميلة وآفاق مطرزة. هذا يعده بالمساواة المطلقة، وهذا يعده بحياة ما أجمل أفقها! المذهب الديموقراطي مذهب منحط في الجماعات، ومذهب ديانة الألم هو مذهب الضعفاء. وأولئك الشكوكيون الناقمون المارقون الذين ألفوا (مثوى) لهم عند زرادشت، هم منحطون يتألمون من وجودهم، ويكادون يختنقون سأماً من أنفسهم واحتقاراً لها كلما وقعت أنظارهم على الإنسان الحاضر

أليس هذا هو الإنسان المتشائم الإلهي الذي ينطق بمواعظ الموت قائلاً: (كل شيء باطل الأباطيل) (لا شيء يجدي! السعي باطل). (لا جزائر سعيدة وراء المحيط)!. هنالك متشائمون كثيرون أووا إلى كهف زرادشت، منهم الملكان اللذان هجرا مملكتهما لأنهما لم يخلقا أول الرجال، والآن يريدان ألا يأمرا ولا ينهيا أحداً. وهنالك العالم الذي يعكس صور الأشياء، ويضحي بحياته ابتغاء أن يدرس دماغ علَقة. وهنالك الساحر المشعوذ الذي يعبث كثيراً بحقائق الأشياء ويخدع كل الناس دون أن تجوز عليه خدعة. ثم يتحرى - وقلبه مفعم سأماً وكآبة - عن مجد مشروع صحيح. وهنالك (البابا الأخير) من لم يستطع أن يجد لنفسه عزاء عن موت الإله. وهنالك أقبح الرجال، قاتل الإله، لأن الإله خنق إشفاقه على

<<  <  ج:
ص:  >  >>