للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سقوط الملكية بتمهيد الطريق لثورة يولية ١٨٣٠ التي انتهت بخلع شارل العاشر، وبتنصيب مجلس النواب الفرنسي دوق أورليان (لويس فيليب فيما بعد) ملكا على الفرنسيين. وانتخب لامارتين عام ١٨٤٨ وزيرا للخارجية في الحكومة المؤقتة التي تألفت من الجمهوريين والاشتراكيين حين ملَّت فرنسا حكم فيليب، الا أن لامارتين اضطر إلى اعتزال السياسة والعودة إلى الحياة الخاصة بعد ان حلَّ لويس نابليون المجلس وشتت أعضاءه عام ١٨٥١.

وقد كانت كهولة لامرتين محزنة اذ اضطر تحت عبء الحاجة للمال إلى الانقطاع إلى الإنتاج العاجل المهين لعبقريته والقاتل لذكائه. وقضى في ٢٥ - ٢ - ١٨٦٩م بعد ان باع اكثر عقاره الموروث.

شعره:

هو شاعر عظيم ولكنه ليس بفنان موهوب، هو (هاوي الشعر) كما يقول هو عن نفسه. وهو لا يستطيع حين يعوزه الوحي والإلهام ان يفعل مثل غيره من الشعراء فيلجأ إلى كفاءته ومقدرته في الصياغة والتأليف ليسد بها حاجته وليشبع بها رغبته. غير ان مجموعة أشعاره الأولى (التأملات) تكفي من غير شك لأن تجعل من لامرتين شيخا للشعر الفرنسي الحديث. وقد ساعد على ذلك ان مجموعته الشعرية هذه تضمنت كل الصفات الغنائية التي فاتت شعراء القرن السالف الذين كانوا ينظمون أشعارا موسيقية في كل الموضوعات دون ان يفيضوا عليها شيئاً من أرواحهم. اما لامرتين فينشدنا ما أحس من فرح أو حزن ومن سرور أو ألم ومن راحة أو وصب.

وعبقرية لامرتين في مرونة أشعاره وتنوعها وفي تعبيره الدقيق عن العواطف السامية والإفصاح عنها الإفصاح كله.

وهو شاعر الطبيعة. عرف روح الأشياء وكنهها دون ان يتجشم مرة محاولة تصويرها وتلوينها وهو يحب على الأخص ساعات الغسق وفصل الخريف الذي تمتزج بمظاهره الأخيلة والأوهام في رقة وعذوبة. وهكذا يتلاشى فكره الذي ليس له من غاية محدودة في سحابات مبهمة عديدة وهو بعد ذلك يعرف كيف يستخلص لنا منها فكرة ويفصح عما يجول في خاطره في موسيقى عذبة جذابة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>