للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكساد.

على أن موسم السياحة المصري ليس في الواقع مصرياً إلا بالاسم، ومن الظلم أن يحسب على مصر بصورته الحالية، فليست مصر أو الهيئات المصرية هي التي تجني ثماره، وتستغل موارده بقدر ما يجنيها ويستثمرها الأجانب والهيئات الأجنبية؛ ذلك أن كل ما تجنيه مصر من هذا الموسم يكاد ينحصر في أجور السكك الحديدية ورسوم المتاحف والآثار وأجور التراجمة وأثمان بعض السلع والمنتوجات القليلة التي تعرض للبيع أثناء الموسم، وهذا كله قليل بالنسبة إلى ما تجنيه الوكالات والفنادق والمتاجر الأجنبية من الأرباح الطائلة؛ وهكذا يستغل موسم السياحة المصري باسم مصر، ومصر تقنع منه بالفتات الضئيل.

وهذه حقيقة مؤلمة؛ بيد أن أشد ما يؤلم فيها هو أن هذا الغبن الفادح الذي يلحق مصر في مورد من مواردها المشروعة ترجع التبعة فيه إلى مصر ذاتها، والى ما تبديه هيئاتنا الرسمية وغير الرسمية من قصور وتقصير في تنظيم الدعاية لمصر في الخارج، وفي تنظيم شؤون السياحة الداخلية بوسائل مجدية وطرق جذابة وفي توفير أسباب اليسر والراحة للسائحين؛ ومن الحقائق المعروفة في أوساط السياحة الخارجية أن نفقات السياحة في مصر تصل إلى حدود مرهقة، ولا يكاد يتحملها سوى كبار الأغنياء والموسرين، وأن السياح المتوسطي الحال يقاسون فيها من فداحة الأجور وعدم توفر أسباب الراحة؛ وهذه الحقيقة وحدها تبعد عن مصر عشرات الألوف من السياح الذين تسرهم زيارتها لو توفرت فيها أسباب الإقامة المعتدلة، كما هو الشأن في معظم مراكز السياحة في أنحاء العالم.

ولنبدأ بمسألة الدعاية، فنقول أن مصر ما زالت متأخرة في هذا الميدان بصورة يرثى لها؛ وما تنفقه مصر في هذا السبيل من الألوف العديدة يذهب هباء؛ إذ يغدق معظمه على بعض الصحف الأجنبية التي لا تفيد في الدعاية الحقيقية؛ والدعوى المنظمة هي روح السياحة الحديثة، ومصر مشهورة في الخارج بتراثها الفني ومزاياها الإقليمية، وميدان الدعوى إلى زيارتها خصب ممهد؛ على أن مما يؤسف له أن مصر لم تقم حتى اليوم بتنظيم هذه الدعاية بطرق عملية ناجعة، فليس لنا في الخارج مكاتب ولا وكالات مصرية للسياحة، وقنصلياتنا لا تبذل أي جهد في هذا السبيل؛ على حين أن جميع الأمم التي بها مراكز للسياحة تنظم

<<  <  ج:
ص:  >  >>