للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترتيب؟

أحسست باهتمامي بأمرها وإشفاقي عليها فكانت تشكرني بابتسامة عذبة وصرت أرى في عينيها ما يدل على الاعتراف بالجميل، ولكني كنت لا أرى في نظراتها ما يدل على أنها تبادلني حبي وتطارحني هيامي، انها كانت نظرات شكر وامتنان وتالله كانت تؤلمني أحيانا ولكني كنت في سكرة الحب أعلل النفس بالآمال واترك للغد القول الفصل والحكم الأخير. ولكن تصرمت أيام دون أن اجرؤ على مخاطبتها ولو بالتحية.

وراقبتها مرة فرأيتها تتأهب للخروج وثارت نفسي واعتراني جنون الشباب وامتدت يدي إلى ملابسي فلبستها دون ان اشعر بشيء أو ادري ماذا افعل وسرت في أثرها وأن فؤادي ليخفق وأن نفسي كلها لتهتز إلى أن رأيتها تجلس وحدها على حافة قناة صغيرة كانت تقرب من المنزل وقد أطرقت قليلا ثم رفعت رأسها فإذا هي تراني أمامها فساورها مزيج من الدهشة والابتسام والخوف والارتياح والغضب والرضى. ولست ادري من أين جاءتني تلك الشجاعة في تلك اللحظة الدقيقة؟ فقلت في ثبات:

هل لي يا فتاة أن أسألك سؤالا صغيراً؟

فنظرت إلي نظرة عميقة فيها كثير من المعاني. ويح نفسي إني لأراها الآن، أرى تلك العينين الدعجاوين وتلك التقاطيع الحلوة وذلك الفم الجميل وتينك اليدين الرشيقتين.

قالت وما سؤالك يا فتى؟

قلت: هل لي ان اعرف سبب حزنك وبكائك؟

فسرت رعدة قوية في أعضائها وتمشت صفرة فاقعة في وجهها وكأنني هززت بذلك السؤال كل كيانها وتمتمت بكلمات لم اسمعها ثم قالت:

شكرا لك على اهتمامك بأمري. لست أستطيع أن أجيبك على ما سألت.

قلت ولكني أريد ان اعرف.

فعظمت دهشتها وبدا على محياها ذهول وخوف ثم قالت في حدة مصطنعة:

وما شأنك أنت والسؤال عن هذا؟

قلت أني. . . أني. . . أريد. . . أرجو. . .

فساورها الشك في عقلي فلقد قرأت هذا الشك في نظراتها، وحدجتني بنظرة طويلة وقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>