للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا ما حياةُ المرء للمرء فارقت ... فهل من حياة غيرها يستعيرها

وليس لنفسٍ أن تخِيرَ حمامَها ... ولا هو إمّا زارها يستشيرها

إذا النفس دبّ الداء فيها فعالجت ... منيتَها ماذا يكون شعورها

- ٧ -

هل الحزنُ إلاّ مقلةٌ تتفجّر ... وألاّ قلوبٌ نارُها تتسعّر

تبعثر شمل البيت بعد اجتماعه ... وأيّ جميع عَوضُ لا يتبعثر

وأجساد موتى في القبور تأسّرت ... وأرواح موتى للبقاء تحَّرر

على أن موتى السابقين إلى الردى ... حياةٌ لأبناءٍ لهم قد تأخّروا

ولم يك يوماً للطبيعة غايةٌ ... سوى النوع إن النوع أبقى وأثمر

لقد عرف الإنسان منها ظواهراً ... ولم يدرِ ماذا في البواطن مُضمر

إذا مات طفل البيت فالخطبُ فادح ... وإن مات ربُّ البيت فالخطب أكبر

- ٨ -

لقد جاء ما قد كان يبنيه ذا حسن ... فما تمَّ حتى قام يهدم ما يبني

حزنتُ وما حزني سوى ابن رزيئةٍ ... وما دمعتي في العين إلاّ ابنة الحزن

وما أحدٌ في الناس يدري مصيرَه ... ومن كان لا يدري فيفزع للظن

لقد زيّنت بالزهر قبرَك صحبةٌ ... وعن كل هذا الزهر قبرك مستغن

يخال الفتى علماً له بحقائق ... ولم ينتبه أن الحقائق في الذهن

وليست حياة المرء بعد مشيبه ... وإن قل شكواه سوى التعب المُضني

سمعتُ أحاديثاً وإني لمبدلٌ ... لما نظرت عيني بما سمعت أذني

(بغداد)

جميل صدقي الزهاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>