للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رحمتا لك يا أبي! هكذا شاءت قسوة المقادير ألا أكون قريباً منك فأذرف عبرتي الطاهرة فوق ثراك، وأروي الصفاح المركوم فوق جثمانك بالغيث الغزير الذي أرسلته من أجلك في دار غربتي!)

- ٤ -

ويقلّب وجهه في بنفسج الشرق المموّه بالقرمز، فيلمح نسوة يتعثرن في سبيلهن بين المقابر، ميممات شطر قبر أبيه! فيوجس في نفسه خيفة، ويحسب أن جديداً من نكد الحياة قد ألم بالبقية الباقية من دم أجاممنون في الـ (بيلوبيديه!)

ولكنه سرعان ما يعرف بينهن أخته! أخته بعينها! هي! هي الكتر! وهي تحمل كالأخريات زِقاً صغيراً وتقبل قُدُماً إلى المقبرة. . .

- (لم أقبلن إذن في هذه البكرة المقرورة؟ يا لله! العون يا سيد الأولمب! صديقي بيلاديز! هلم نختبئ لنرى!)

ويختبئ أورست وصديقه بيلاديز، وتقبل النسوة في إثر الكترا الواهية التي حطم قلبها الحزن، وأوهن جسمها الأسى. . . ويأخذن في نشيد باك يتفجر في موسيقاه الدم. . . ويمتزج شجوه بالدموع. . . ويشرن إلى القبور وبينها هذا القبر، ثم يتلفتن فيرين القصور النائية وفوقها هذا القصر!. . . فيرثين لآرجوس ويرثين للفتاة المحزونة الواقفة بينهن. . . ويصلن ترنيمتهن. . . فيذكرن نأيهن الذي شط واستطال عن الأوطان ويذكرن هذه الشباك المحكمة من الجواسيس والعسس المنشرة فوق آرجوس، تلتقط الأبرياء والمظلومين ليروي من دمائهم إيجستوس، ولنجهز من شبابهم النضر ضحايا لفسق الملكة!. . .

وتتكلم الكترا، بعد أن تذرف عبرة أو عبرتين، فتستثير المنشدات فيما أمرتها أمها الآثمة أن تفعل بزقاق الخمر. . . في هذا المكان القفر. . . إلا من الذكريات!

- (إذا صببت قرباني الخمري، فماذا أقول؟ هل أقول (قربانا يا أبي، من زوجتك التي سفكت دمك غير راحمة، نُشْداناً للذة، وحرصاً مجرماً للهوى؟) أم أقول (لتهدئي يا رفات! ولترضيْ بالغدْرة الكبرى التي دبرت لك، فلا تنتفضي تحت أطباق الثرى لترسلي الويل على الظالمين؟)، أم أصبها وألقي الرقاق ثم أنثني كأن ليس بي من ذلك النائم حزن مقيم ووجد دفين!) تكلمن بحق مودتي عليكن، فنحن في الهم شركاء، ولا تحبسن محض النصح

<<  <  ج:
ص:  >  >>