للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل عتب وإعتاب جرى فله ... بدائع حلوة عندي وآثار

فاذكر أخاك بخير كلما لعبت ... به الليالي فان الدهر دوار

عود إلى الذخيرة

(وأما بعد) فقد آن لنا أن نعود إلى القول على كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، وهو الأثر الفذ الباقي للمترجم له أبي الحسن علي بن بسام؛ ولولا أن لهذا الكتاب شأناً غير شأن سائر نظائره لما عرضنا للقول عليه والتعريف به، إذن لنلق عليه نظرة ليس منها بد؛ ولا سيما بعد أن بشرنا صديقنا الأستاذ الكبير محمد كرد علي بك بأن هناك لجنة من أفاضل المستشرقين تألفت برياسة العلامة المستشرق الفرنسي الأستاذ ليفي بروفنسال لا خراج هذا الكتاب الضخم الخالد الذي حُرِمت منه المكتبة العربية هذا الزمن الأطول. . .

وضع قديماً أبو عبد الله هرون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم البغدادي المتوفى سنة ٢٨٨هـ كتاباً اسمه (البارع) في أخبار الشعراء المولدين جمع فيه مائة وواحداً وستين شاعراً، وافتتحه بذكر بشار بن برد وختمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح، واختار فيه من شعر كل واحد عيونه، وقال في أوله: إني لما عملت كتابي في أخبار شعراء المولدين ذكرت ما اخترته من أشعارهم وتحريت في ذلك الاختيار أقصى ما بلغته معرفتي وانتهى إليه علمي؛ والعلماء يقولون: دل على عاقل اختياره. وقالوا: اختيار الرجل من وفور عقله. وقال بعضهم: شعر الرجل قطعة من كلامه، وظنه قطعة من عقله، واختياره قطعة من علمه. وطول الكلام في هذا وذكر أن هذا الكتاب مختصر من كتاب ألفه قبل هذا في هذا الفن، وأنه كان طويلاً فحذف منه أشياء واقتصر على هذا القدر. ثم جاء بعده أبو منصور الثعالبي المتوفى سنة ٤٢٩هـ ووضع كتابه (يتيمة الدهر في شعراء أهل العصر)، وجعله ذيلاً لكتاب البارع؛ هذا ثم جاء أبو الحسن علي بن الحسن الباخرزي المتوفى سنة ٤٦٧هـ؛ وألف كتاباً اسمه (دمية القصر وعُصرة أهل العصر)، وجعله ذيلاً لكتاب يتيمة الدهر؛ ثم جاء أبو المعالي سعد بن علي الوراق الحظيري المتوفى سنة ٥٦٨هـ وصنّف كتاباً أسماه (زينة الدهر)، وجعله ذيلاً على دمية القصر؛ وأخيراً ظهر العماد الكاتب الأصبهاني المعروف بابن أخي العزيز والمتوفى سنة ٥٩٧هـ، ووضع كتابه المسمى (خريدة القصر وجريدة أهل العصر)، وجعله ذيلاً على زينة الدهر للحظيري. هذا في

<<  <  ج:
ص:  >  >>