للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتوسطه بحيرة حفت بالأشجار الكثيفة الملتفة فكنا نقصد هذا المكان في أيام الصيف فنتغذى على ضفاف البحيرة، فكانت بلوتا ترافقنا الى هذا المكان. . بل كانت تتقدمنا إليه في المسير. فإذا ما شاهدت الماء جن جنونها فتلقي بنفسها في البحيرة وتظل تسبح طول النهار رائحة غادية في عظمة وأبهة كأنما هي مدرعة تختال فوق عباب الأطلنطيق!

فإذا دعوناها الى الانصراف أبت مغادرة الماء، فكان لابد من الاحتيال عليها لاخراجها منه، وكانت أنجح الحيل معها أن نلوح إليها من الشاطئ بقطعة من السكر، لأنها كانت مولعة بأكله. فإذا خرجت لتلتهمه قبضنا عليها بسرعة!

لشد ما كانت بلوتا تعبد الماء!، إنها لتحملني على أن اصدق الرأي القائل بتقمص الأرواح! فليت شعري في أي نوع من السمك قد حلت روح بلوتا من قبل يا ترى؟

ألفت بلوتا كلاب الحي كذلك، حتى كان لها من بينهن العشاق الكثر. . لأن كلاب الأسبان ككلاب الشرق يملن أيضا الى الأجسام البضة!

وإذا كان لبلوتا (كما تقدم) شكل الأسد، فلم تكن لها أبدا شجاعته، فإنها كانت تولى الأدبار عندما يحتدم الشجار بين عشاقها (من أجلها) وتعود فتختبئ تحت سريري. .

والأمر الغريب إن بلوتا كانت على علاقة حسنة حتى مع القطط! كانت مثال التسامح صادقة الإيمان بمبادئ لوكارنو السلمية!

ولما كانت بلوتا بدينة الجسم فقد عولت ذات يوم على أن أجرب على جسمها التمارين الرياضية لاخفف من شحمها المتكدس، فكنت في صباح كل يوم أطرحها على الأرض ثم اشد يديها الى الخلف، ورجليها الى الأمام. . مرارا عديدة. . حتى تئن المسكينة من التعب والالم، وكلما كان والدي يراني منهمكا في ذلك، كان يلومني على عملي صائحا، ما أقسى طبيعة الطفل! أما أنا فكنت أفعل هذا لأنتقم لنفسي على حساب بلوتا المسكينة، مما كنت أعانيه من الشدة في التمارين الرياضية بمدرستي من أستاذها الألماني

ولشد ما كانت بلوتا ذكية أيضا!

كانت لها حجرة نوم تحتالسلم طولها متران في مثلهما عرضا. . وكانت الخادم تأتى كل ليلة الى الصالون حوالي الساعة العاشرة فتأخذها من بيننا لتذهب بها الى تلك الحجرة فتغطيها باللحاف، لأن ليالي برشلونة الشتوية قارسة البرد، فإذا أبطأت الخادم في بعض الليالي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>